انتهى إلى ما يمكن أن يعاد عليه بضرب من التحليل فهو رؤيا يفتقر إلى التعبير وإلا فهو من أضغاث الأحلام.
هذا ما يتلقاه النفس عن المبادي العالية عند النوم وأما ما يتلقاه عند اليقظة فعلى وجهين:
أحدهما أن يكون النفس قوية وافية بالجوانب المتجاذبة لا يشغلها المشاعر السافلة عن المدارك العالية فيتصل بها في اليقظة ويكون متخيلتها قوية بحيث يقوى على استخلاص الحس المشترك عن الحواس الظاهر وإذ ذاك فلا يبعد أن يقع لمثل هذه النفس في اليقظة ما يقع للنائمين من غير تفاوت. فمنه ما هو وحي صريح لا يفتقر إلى التأويل ومنه ما ليس كذلك فيفتقر إليه أو يكون شبيها بالمنامات التي هي أضغاث الأحلام إن أمعنت المتخيلة في الانتقال والمحاكاة.
وثانيهما أن لا يكون النفس كذلك فلا يخلو إما أن يستعين حال اليقظة بما يقع به للحس دهشة وللخيال حيرة أو لا بل كانت ضعيفة ضعفا طبيعيا أو لأجل مرض.
فالأول كما يفعل المستنطقون المنفعلون للصبيان والنساء ذوات الآلات الضعيفة.
أو بأمور مترقرقة وبأمور ملطخة سود مدهشة محيرة للبصر شفافة يرعش البصر برجرجتها أو بتشفيفها وكاستعانة بعض المتصوفة والمتكهنة برقص وتصفيق وتطريب مع ذلك أيضا فكل هذه موهشة للحواس مخلة بها.
وربما يستعينون أيضا بالإلهام بالعزائم والتخويف والترهيب بالجن إذا استنطقوا غيرهم والكهنة قد يركبون أصباغا للتفريح والتبحزات.
والثاني كالمصروعين والممرورين وكل من في قواه ضعف أو قلة علاقة مع رطوبة في الدماغ قابلة.
وقد يجتمع الشيئان ضعف العائق وقوة النفس بتطريب وغيره كما لكثير من المرتاضين من أولي الكد وهذا حسن.
وما للكهنة والممرورين نقص وإخلال بالقوى أو فسادها وتعطيلها عما خلقت لأجله وهو غير محمود عند العلماء.
وأما عند الفضلاء فرياضاتهم وعلومهم مرموضة ولرياضات