بصادرة عن الواجب الأول على سبيل الجزاف أو القصد إلى السافل كما زعمته الجهال والمقلدون بل صدورها على حسب مثل غيبية هي ذكر حكيم.
ثم الإنذارات تدل على أنه عالم بالجزئيات قبل وجودها وبعده وليس هذا شأن النفوس السافلة ولا قواها المنطبعة. وهو ظاهر فليس إلا من جوهر عال يتخيل الجزئيات من الكليات والحسيات من العقليات على عكس إدراكنا فهو من العالم النفساني الفلكي فيجب أن يكون لها ضوابط كلية يفيض عليها من مباديها العقلية أنه كلما كان كذا كان كذا قوانين أحصيت في العالم العقلي.
ثم إذا كانت منتقشة بها النفس الفلكية ويتخيل الوصول إلى كل وضع من الأوضاع بالحركة فلها أن تعلم لازم حركاتها باستثناء الشرطيات لكن كذا فيكون كذا. أو ليس فليس.
فإذا تمهد هذا فنقول: إن الصور التي يدركها النفس في النوم واليقظة أو في ما بينهما ونحوها لا يخلو إما أن يكون لاتصالها بذلك العالم أو لا. فإن كانت الاتصال فإما أن يكون كلية أو جزئية.
وعلى التقديرين فإما أن ينطوي سريعا ولا حكم لها أو يثبت فإن ثبت ويكون كلية فالمتخيلة التي في طباعها المحاكاة تحاكي تلك المعاني الكلية المنطبعة في النفس بصور جزئية ثم ينطبع تلك الصور في الخيال وينتقل إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة.
فإن كانت المشاهدة شديد المناسبة لما أدركته النفس من المعنى الكلي بحيث لا يختلفان إلا بالكلية والجزئية كانت الرؤيا غنية عن التعبير. وإن لم يكن كذلك فإن كانت هناك مناسبة يمكن الوقوف عليها والتنبه لها كما إذا تصورت المعنى بصورة لازمه أو ضده أو شبهه احتاج حينئذ إلى التعبير وهو تحليل بالعكس أي رجوع من الصور الخيالية الجزئية إلى المعاني النفسانية الكلية.
وإن لم يكن مناسبة على الوجه المذكور فتلك الرؤيا مما تعد في أضغاث الأحلام الحاصل من دعابة المتخيلة.
وإن ثبت جزئية وحفظته الحافظة على وجهها ولم يتصرف المتخيلة المتحاكية للأشياء بتمثيلها بمثلها أو بغيرها صدقت هذه الرؤيا من غير احتياج إلى التعبير. وإن كانت المتخيلة غالبة أو إدراك النفس ضعيفة تنازعت المتخيلة بطبعها إلى تبديل ما رأته النفس بمثال.
وربما بدلت ذلك المثال أيضا بآخر وهكذا إلى حين اليقظة. فإن