انتهى قوله أقول: كلام هذين الفاضلين في غاية السخافة والرخاوة مع أنه أقرب إلى الصواب من كلام غيرهما من أهل الكلام في هذا الباب وذلك لوجوه:
الأول أنه يبتني على أن شخص زيد مثلا لم ينعدم منه بالموت إلا نسب وإضافات بين أجزائه ونظم ترتيب بين أعضائه فيلزم أن يكون الحياة من مقولة الإضافة وهو ظاهر الفساد.
والثاني أن كون أجزاء زيد منحصرة في الجواهر الفردة لا يلزم أن يكون تلك الجواهر إذا ركبت يكون زيدا سواء كان تركيبا وترتيبا مطلقا على أي وجه كان أو على نظم مخصوص وإلا لزم على الأول أنها لو ركبت كرة مصمتة كانت هذه الكرة زيدا وعلى الثاني أن يكون زيد الميت في بعض الأحيان حيا إذا وقعت أجزاؤه على هذا النظم المخصوص مع كونه ميتا كما فرض سواء كان هذا التركيب جزءا منه أو شرطا خارجا عنه.
والمحقق الطوسي لم يذهب ولا غيره من العقلاء القائلين بنفي الهيولى أن الجسم المعين الذي هو فرد للجسم المطلق بالمعنى الذي هو جنس لا بالمعنى الذي هو مادة لا ينعدم بالتفريق إنما الذي لا ينعدم عندهم هو الجسم بالمعنى المادة وهو الذي يكون مستمر الوجود في مراتب الاتصالات والانفصالات لا ما هو الجسم بمعنى الجنس الذي لا وجود له إلا بصورة مقومة له مخصصة الطبيعة الجنسية من بين الأنواع.
وقد اتفق الجمهور من الحكماء وأتباعهم على أن الجسم بما هو جسم مطلق مما لا وجود له في الأعيان وإنسانية الإنسان لا يمكن أن يكون بمجرد الجسمية وإلا لكان كل جسم إنسانا وكذا زيدية زيد ليس بمجرد أجزاء مادية كيف كانت وإلا لكان كل أجزاء متفرقة زيدا سواء أريد بزيد مجرد بدنه أو المجموع من النفس والبدن وكيف يصح لعاقل أن يذهب إلى أن جسما مخصوصا كهذا الفرس إذا قسم أقساما وفرقت أجزاؤه كانت بعينه باقيا حال التفرق فضلا عن مثل المحقق الطوسي مع براعته في الحكمة والكلام.
والثالث أن مفسدة التناسخ بحسب المعنى على ما ذكره واردة بلا مزية كما بينا