وأصلح ما يجاب به هاهنا أن القوة في الكائنات الفاسدات ليس معناه الإمكان الذي هو قسيم ضرورة الوجود والعدم وإن كان هذا معنى واحدا يقع على الدائم وغير الدائم بل هذه القوة الاستعدادية التي لا يجتمع مع وجود شيء والأمور الدائمة لا يتقدمها استعداد أصلا.
والنفس الناطقة وإن كان لها استعداد في المادة التي يترجح وجودها على عدمها باعتبار ذلك الاستعداد فإنها لا يلزم أن يكون لها استعداد عدمه فيها إلى هاهنا كلامه وفيه ما لا يخفى من الوهن فإن كون الإمكان متقدما على وجوده زائلا غير مجامع للوجود وفي المبدع مجامعا للوجود غير زائل بحسب الماهية لا يوجب كونه مختلف المعنى والذات في المبدع والكائن بل له معنى واحد يعرض له اختلاف فإن التنافي بين الإمكان والفعلية هاهنا بحسب الواقع وهناك بحسب الاعتبار.
وكون الاستعداد موجودا في الخارج على ما حكموا به معناه اتصاف المادة به بحسب حالها الخارجي حين اتصافها بكيفيات استعدادية مقربة للمعلول بالعلة الفاعلية كما يقال: الحركة موجودة في الخارج مع أنهم فسروها بكمال ما بالقوة من حيث هو بالقوة فليس معنا وجودها إلا اتصاف الموضوع بها في الخارج عند توارد أسباب الوصول إلى المطلوب عليه.
وتعاقب الأمور المقربة إياة مما يقع إليه السلوك والسالك إلى الشيء ما دام كونه سالكا إليه لا يحصل له ذلك الشيء بل السالك إلى الشيء من حيث كونه سالكا ومتحركا إلى الشيء ليس بنفسه شيئا من الأشياء فمعنى كونه متصفا بالحركة في الخارج أن له ذاتا في الخارج عادمة لكمال من شأنه الاتصاف عن قريب وكذا معنى كون الشيء مستعدا أنه عادم صفة من شأنه التلبس بها كذلك وربما فرقوا بين القوة والاستعداد بوجهين أحدهما أن القوة قد يكون بعيدا وقد يكون قريبا والاستعداد لا يكون إلا قريبا ولهذا لا يقال للطفل الصغير أو الجنين إنه مستعد للكتابة بل يقال إنه كاتب بالقوة.
وثانيهما أن القوة قوة للضدين والأشياء الكثيرة والاستعداد لا يكون كذلك