لا يصير شيء منها موجودا وإذا صار شيء منها موجودا فالكلي له جزئيات أخرى معقولة غير ممتنعة لماهيتها إلا لمانع بل ممكنة إلى غير النهاية.
وقد علمت أن ما وقع من جزئيات كلي بقي الإمكان بعد وإذا كان هذا الواقع واجب الوجود وله ماهية وراء الوجود فهي إذا أخذت كلية أمكن وجود جزئي آخر لها لذاتها إذ لو امتنع الوجود للماهية لكان المفروض واجبا ممتنع الوجود باعتبار ماهيته هذا محال.
غاية ما في الباب أن يمتنع بسبب غير نفس الذات والماهية فيكون ممكنا في نفسه ولا يكون واجبا لأن جزئيات الماهية وراء ما وقع ممكنات كما سبق فليست واجبة فإذا كان شيء من ماهيتها ممكنا فصار الواجب أيضا باعتبار ماهيته ممكنا وهذا محال فإذن إن كان في الوجود واجب فليس له ماهية وراء الوجود بحيث يفصله الذهن إلى أمرين فهو الوجود الصرف البحت الذي لا يشوبه شيء أصلا من خصوص وعموم... هذا كلامه قدس الله عقله وروح رمسه بأدنى تغيير ورأى أنه برهان قوي وتحقيق حسن.
والإيراد عليه بأنه: لا يجوز أن يفصل العقل أمرا موجودا إلى وجود ومعروض له فيكون ذلك المعروض جزئيا شخصيا لا كليا وتخصيص إطلاق الماهية على الكلية لا ينفع إذ المقصود أن الوجود غير زائد بل هو نفس حقيقة الواجب إنما نشأ من الغفلة عن مرامه وسوء فهم الغرض من كلامه فإن كلامه مبني على أن تشخص الشيء في الحقيقة نحو وجوده كما صرح به المعلم الثاني فكل ما يفصله الذهن إلى معروض وعارض هو الوجود كان في مرتبة ذاته مع قطع النظر عن العارض الذي هو الوجود كليا بالضرورة وكل ما له ماهية كلية فنفس تصورها لا يأبى أن يكون لها جزئيات غير متناهية اللهم إلا لمانع خارجي.
فإذن لما كان الوجوب والإمكان والامتناع من لوازم