على أي نحو من الوجود يتفرع لم يبق له مهرب إلا الاستثناء من المقدمة العقلية القابلة بالفرعية كما فعل بعضهم وهو كما ترى! وليست أيضا بإفادة الجاعل نفس الذات فقط كما هو منقول عن الإشراقيين بمعنى أن نفس الذات بعد جعل الجاعل إياها كافية في انتزاع الوجود عنها مع قطع النظر عن ارتباطها إلى جاعلها التام وإلا لكان حمل الموجود عليها كحمل الذاتيات وقد سبق بطلانه.
فبقي أن يكون موجودية الممكن عبارة عن صدور نفس ذاته عن الجاعل مرتبطة به منسوبة إليه.
والفاعلية والإيجاد والتأثير يكون في الحقيقة هي إفادة الجاعل الماهية مرتبطة بنفسه لا إفادته لها شيئا مباينا لذاته متحققا برأسه ولهذا قال بعض العارفين: الأثر في الحقيقة ليس شيئا مستقلا متميزا عن المؤثر وليس الأثر شيئا بحياله بل المؤثر هو الشيء والأثر إنما هو أثر شيء لا شيء بنفسه وما وجد من الآثار مستقلة بذواتها ممتازة عن مؤثراتها فليست آثارا لها بالحقيقة بل بحسب الظاهر.
وليس معنى كلامه: أن وجود الأثر وجود ناعت للمؤثر كنسبة الأعراض بالقياس إلى موضوعاتها.
بل الحق أنها ليست كذلك فإن الارتباط بين الواجب والممكنات ليس بكونه محلا للممكنات تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا على ما يفهم من الأمثلة الجزئية المذكورة في كتب العرفاء.
فإنها وإن كانت مقربة من جهة لكنها مبعدة من جهات أخرى كالتمثيل بالبحر والأمواج والنور والأظلال وكالتمثيل بالشعلة المجتالة والنقطة النازلة والحركة التوسطية التي كل منها أمر بسيط شخصي مستمر الوجود راسم للمتجددات متكثر النسب اللاحقة المتجددة مع أن ذاته تعالى بذاته مبدأ أن ينتسب إليه الأشياء بالارتباط الصدوري فينتزع منه الوجود الانتزاعي وراسم الماهيات وفاعل الإنيات غير داخل فيها ولا مباشر لها وإنما هو قيوم بذاته يلزمه نسب لاحقة وإضافات عارضة فإن حقيقة الحقة أرفع وأقدس من أن يقاس بغيره.
ولا يتوهمن أيضا من قول المحققين من الحكماء: أن حقيقته تعالى صرف الوجود