الماهيات فلو كان المفروض واجبا معنى غير نفس الوجود يكون معنى كليا له جزئيات بحسب العقل فتلك الجزئيات إما أن يكون جميعها ممتنعة لذاتها أو واجبة لذاتها أو ممكنة لذاتها.
لا سبيل إلى الأول وإلا لما تحقق شيء منها والكلام على تقدير وجود فرد واجب منها فلا يمتنع شيء منها لماهيتها وإن جاز ذلك لما لم يوجد منها لا لماهيتها المشتركة بل لأمر آخر ولا إلى الثاني وإلا لوقع الكل وهو محال ولا إلى الثالث وإلا لكان هذا الواقع أيضا ممكنا مع أنه واجب هذا خلف.
فإذن إن كان في الوجود واجب بالذات فليس له ماهية وراء الوجود بحيث يفصله الذهن إلى أمرين فهو الوجود الصرف.
وكذا الاعتراض على البرهان المذكور بأن: دعوى عدم امتناع الجزئيات الغير المتناهية ممنوعة ولم لا يجوز أن يكون لماهية كلية أفراد معدودة متناهية لا يمكن أن يتعدى عنها في الواقع وإن جاز في التوهم الزيادة عليه ولو سلم عدم التناهي فهو بمعنى لا يقف وبطلان اللازم حينئذ ممنوع.
ولو سلم أنه غير متناه بالمعنى الآخر فغاية ما لزم أن يكون الواجبات غير متناهية.
ولقائل أن يمنع بطلان هذا قائلا: إن دلائل بطلان التسلسل لو تمت لدلت على امتناع ترتيب أمور غير متناهية موجودة معا ولزوم ترتيب الواجبات غير بين ولا مبين.
فإنا نجيب عن الأول ب: أن كل ماهية بالنظر إلى ذاتها لا يقتضي شيئا من التناهي واللا تناهي أصلا فإذا قطع النظر عن الأمور الخارجة عن نفس ماهيتها لا يأبى عند العقل عن أن يكون لها أفراد غير متناهية وعن الثاني والثالث ب: أن الكلام هناك ليس في بطلان التسلسل في الواجبات عدديا كان أو لا يقفيا مرتبا أو متكافئا حتى قيل: إن بطلانه منظور فيه بل الكلام في أنه إذا كان للواجب تعالى ماهية كلية يمكن أن يفرض لها جزئيات غير واقعة إذ الماهية لما لم يكن من حيث هي إلا هي كان الوقوع واللاوقوع كلاهما خارجين عن نفس حقيقتها فلا يأبى بالنظر إلى ذاتها عن أن يكون لها أفراد غير متناهية واقعة.
ولما كان كل من الوجوب والإمكان والامتناع من لوازم الماهيات فإذا وجب فرد من ماهية