مبدأ القوى الجسمانية ومستخدم الآلات الإحساسية والتحريكية التي بها يمكن الوصول إلى كل كمال جسماني ويكون سائر الصور الكمالية والجمادية والنباتية والحيوانية من آثارها ولوازمها في هذا العالم.
وكل صورة فهي جهة فعل ومبدأ أثر وغاية حركة والصورة الإنسانية يترتب عليها ما يترتب على جميع الصور وإليها ينتهي حركات الأجسام في الاستعدادات وانتقالاتها إلى الكمالات فهي صورة الصور وغاية الغايات ونهاية النهايات والكمالات في عالم الأجسام.
وإذا نظرت إليها بحسب وجود العالم العقلي وجدتها قوة صرفة لا رتبة لها عند سكان ذلك العالم ونسبتها إلى الوجود نسبة البذر إلى الأثمار فإن البذر بذر بالفعل وثمرة بالقوة.
فحينئذ امتياز العقل الهيولاني عن سائر الهيوليات ليس لكونه هيولا وقوة بل لكونه صورة جسمية وهي ليست كذلك باعتبار ذاتها.
فبعد تمهيد ما قدمناه نقول: إن العقل الهيولاني عالم عقلي بالقوة من شأنه أن يكون فيه ماهية كل موجود وصورته من غير تأب وامتناع من قبله فإن عسر عليه شيء فإما لأنه في نفسه ممتنع الوجود أو لأنه ضعيف الوجود شبيه بالعدم كالهيولى والحركة والزمان والعدد واللانهاية.
وإما لأنه شديد الوجود قوي الظهور فيغلب عليه ويقهره فيفعل به ما يفعل الضوء الشديد بعين الخفاش.
وذلك مثل القيوم تعالى ومجاوريه من الإنيات العقلية فإن تعلق النفس الإنسانية بالمواد يورثها ضعفا وتعوقا عن إدراك هذه الأنوار الباهرات جدا فلا شك أنها إذا تجردت ونقضت عن جناحها علوق هذه الأرضيات وصقلت حدقتها من هذه الغبارات فطارت إلى العالم العقلي واتصلت بأجنحة الكروبيين طالعتها حق المطالعة واتحدت بها وبالصور العقلية للأشياء كما اتحدت الآن بالبدن وقواه الجسمية فإذا تركت هذه القيود والقشرة يبتهج بصحبة العقول العشرة وإذا