وأيضا من طريق آخر تدل حركة الأفلاك بواسطة عدم تناهيها على جوهر شريف ذي قوة غير متناهية نستمد منه لاستحالة أن يكون القوة الجسمانية من حيث كونها جسمانية غير متناهية التأثير والتحريك لانقسامها بانقسام الجسم.
لأنا إذا توهمنا انقسام الجسم بقسمين لكان بعض القوة لا يخلو إما أن يكون تحريكها إلى غير النهاية فيكون الجزء مثل الكل وهو محال. وإما إن يتحرك إلى غاية والبعض الآخر إلى غاية فيكون المجموع المشتمل على المتناهيتين متناهية.
فثبت أن القوة الجسمانية لا تقدر على أمر غير متناه والنفس أيضا قوة جسمانية من حيث الفعل ما دام كونها نفسا وإن تجردت بحسب ذاتها كيف ولو كانت غير متناهية التأثير ما انجبست في علاقة جسم محصور محدودة وصاحب الحدس يكفيه مئونة هذا البحث.
فإذن لا بد لهذه الحركة من محرك مجرد عن المادة ذاتا وعن علائقها فعلا.
والمحرك قسمان: أحدهما كما يحرك المعشوق العاشق والمعلم المتعلم والثاني كما يحرك الروح البدن والطبيعة العنصر كميل الجسم إلى أسفل والأول ما لأجله الحركة والثاني ما منه الحركة.
فالحركة الدورية يفتقر إلى مباشرة فاعل يكون منه الحركة وذلك لا يكون إلا نفسا متغيرا لما علمت أن المحرك القريب لا بد أن يكون أمرا متجددا لاستحالة ارتباط المتجدد.
بالثابت ويحتاج إلى مفارق قدسي يكون إليه الحركة ولأجله.
والنفس الفاعلة للحركة وإن كانت متناهية القوة لما مر ولكن محددها الجوهر العقلي بقوته التي غير متناهية. (ولكن يمدها الجوهر العقلي بقو... خ ل).
والتحريك الغير المتناهي من القوة الجسمانية على سبيل الإمداد والتأييد جائز ليس بمستحيل إنما المستحيل التحريك الغير المتناهي على الاستقلال والانفراد.
فكون الجوهر العقلي محركا للجسم ينبغي أن يتصور على هذا الوجه من غير مباشرة وكل محرك لا يتحرك في نفسه فتحريكه للمتحرك لا يكون إلا بطريق العشق