كتحريك المعشوق للعاشق.
ثم اعلم أن تحريك المحرك الغير المتحرك يتصور على الوجهين: إما أن يكون بحيث يطلب ذاته كالعلم فإنه يحرك طالب العلم بطريق عشقه له والمطلوب حصول ذاته ونيل جوهره.
وأما أن يكون بحيث يطلب التشبه به والاقتداء به كالأستاذ فإنه معشوق للتلميذ فيحبه ويحرك إليه لأجل التشبه به لا نيل ذاته. وكذا كل مرغوب فيه متصف بوصف عظيم يراد به التشبه. (لأجل التشبه.. لا لنيل ذاته... يراد التشبه به).
ولا يجوز أن يكون هذه الحركة من القسم الأول فإن المعنى العقلي لا يتصور أن ينال بحركة الجسم ذاته إذ قد بان أنه لا يخل في الجسم فلا يبقى إلا أنه يحب التشبه به والاقتداء به باكتساب وصف يشبه وصفه ليقرب منه في الوصف كتشبه الصبي بأبيه والتلميذ بأستاذه ولا يمكن أن يكون ذلك بطريق الأمر والايتمار فإن الآمر ينبغي أن يكون له غرض في الأمر وذلك يدل على نقصان وقبول تغير.
والمؤتمر أيضا ينبغي له غرض في الايتمار وذلك الغرض هو المقصود.
وأما امتثال الأمر ووروده لأنه أمر فقط بلا فائدة فلا يمكن.
فإذن لا بد وأن يكون ذلك المعشوق موجودا غنيا عن إرادة الطالب فطلبه ذا عظمة وجلال لينبعث بتصور جماله العشق والشوق لينبعث منه الحركة الموصلة إلى المطلوب من التشبه والاقتداء. فيكون تصور الجمال سبب العشق والعشق سبب الطلب والطلب سبب الحركة الحاصلة منها التشبه به. فيكون ذلك المتشبه به. والمعشوق هو الحق الأول بوساطة ما يقرب منه من الملائكة المقربين فكل واحد من الأجرام العالية والكرات الرفيعة ينال من معشوقه لذات متوافرة وأنوار دائمة الوصال يعرفها أهل السلوك الإلهي والعرفاء لمقربون المشتاقون من اللذات العقلية والواردات النورية ثم يتبع لتلك