واجب الوجود بذاته الذي هو الكمال فإن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل فهو أيضا الغاية والغرض. انتهى. ومن هاهنا يظهر حقيقة ما قيل: لو لا العشق ما يوجد سماء ولا أرض ولا بر ولا بحر..
ومما يجب عليك أن تعتقد أن الواجب تعالى كما أنه غاية للأشياء بالمعنى المذكور فهو غاية بمعنى أن جميع الأشياء طالبة لكمالاتها ومتشبهة به في تحصيل ذلك الكمال بحسب ما يتصور في حقها لها وشوق إليه إراديا كان أو طبيعيا.
والحكماء الإلهيون حكموا بسريان العشق والشعور في جميع الموجودات على تفاوت طبقاتهم ف لكل وجهة هو موليها يحن إليها ويقتبس بنار الشوق نور الوصول لديها.
وإليه أشير بقوله سبحانه: و إن من شيء إلا يسبح بحمده..
وقد صرح الشيخ الرئيس في عدة مواضع من التعليقات بأن القوى الأرضية كالنفوس الفلكية وغيرها لا تحرك المادة لتحصيل ما تحتها من المزاج وغيره وإن كانت هذه من التوابع اللازمة بل الغاية في تحريكاتها كونها على أفضل ما يمكن لها ليحصل لها التشبه بما فوقها كما في تحريكات نفوس الأفلاك أجرامها بلا تفاوت.
فقد ثبت أن غاية جميع المحركات من القوى العالية والسافلة في تحريكاتها لما دونها استكمال لها بما فوقها وتشبهها به إلى أن ينتهي سلسلة التشبهات والاستكمالات إلى الغاية الأخيرة والخير الأقصى الذي يسكن عنده السلاك وتطمئن به القلوب وهو الواجب جل مجده فيكون غاية بهذا المعنى أيضا.
وبهذا يعلم حقيقة كلامهم