الملكي ثم نبهه على أنه ما فعل الذي فعل عن أمره فإنه ليس له أمر وما هو من أهل الأمر وهو مقام غريب في المقامات لو أن الله تعالى يبيح لنا كشفه للخلق لظهر علم لا يقوم له كون هذا قد ظهر من أثره ثلاث مسائل من شخص قد شهد الله عند نبيه بعدالته وزكاه وصار تبعا له وبين له ما قد سمعت وأدخل نفسه في أتباعه تحت شرطه وهو مثل موسى كليم الله ونجيه وأين كلامه مع ربه من كلامه مع الخضر فاختلف التجلي في الكلام ومع هذا لم يصبر لأنه قدم الاستثناء ولم يقدمه لما أنكر عليه فإنه من شأن النبي أن يكون متبعا كما هو متبع سواء وكذلك قال إن أتبع إلا ما يوحى إلى ما قال أن أفعل أو أقول إلا ما أشهد ما قال هكذا فكل مقام له مقال ولسان وأما أنوار الرياح فهي تجليات الاسم البعيد وهي تجليات لا ينبغي أن يذكر اسمها ولا تكون إلا لأهل الإلهام وللتجلي في أنوار الملائكة في هذا مدخل ولكن في الباطن لا في الظاهر خاصة وهم ملائكة اللمات والإلهام خاصة والإلقاء في هذا التجلي على النفوس ومن هذا التجلي تكون الخواطر وهي رياحية كلها لأن الرياح تمر ولا تثبت فإن قال أحد بثبوتها فليست ريحا ولذلك توصف بالمرور وتسمى بالخواطر وهي من راح يروح والرائح ما هو مقيم وأما التجلي في الأنوار الطبيعية فهو التجلي الصوري المركب فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور وهو يعم من الفلك إلى أدنى الحشرات وهو السماء والعالم فهو تجل في السماء والعالم ومن هذا التجلي تعرف المعاني واللغات وصلاة كل صورة وتسبيحها وهو كشف جليل نافع مؤيد فيه يرى المكاشف موافقة العالم وأنه ما ثم مخالفة ومن هنا يرى كل شئ يسبح بحمده وصاحب هذا المقام يرى على الشهود صور أعماله تكون حية مسبحة لله ذات روح ينفخ فيها صاحب هذا المقام وإن كانت في ظاهر الكون مخالفة ومعصية فإنها مخالفة صحيحة إلا أنها حية ناطقة تستغفر لصاحبها لأنه سوى نشأتها مخلقة وقد تمدح الله بأنه خلق فسوى ومن تسوية نشأتها مخلقة إنه لم يخرجها عن كونها معصية فلو أخرجها عن كونها معصية كانت غير مخلقة وشقي صاحبها وكان تسبيحها لعنة صاحبها فإنه أباح ما حرم الله فخرج عن الايمان بذلك فلا حظ له في الإسلام إلا أن يجدد إسلامه ويتوب وهذا تنبيه لم يزل أصحابه يكتمونه غيرة منهم وضعفا والتنبيه عليه أولى لأنها نصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فلا توجد أبدا معصية مخلقة إلا من مؤمن ومن أعطى الشئ خلقه فقد جرى على السنن الإلهي فإن الله أعطى كل شئ خلقه فأعطى المعصية خلقها والطاعة خلقها فهكذا تكون صفة المؤمن وأما أنوار الأسماء فإنها تعين أسماء المعلومات فهو نور ينبسط على المعدومات والموجودات فلا يتناهى امتداد انبساطها وتمشي العين مع انبساطها فينبسط نور عين صاحب هذا المقام فيعلم ما لا يتناهى كما لا يجهل ما لا يتناهى بتضاعف الأعداد وهذا علامة من يكون الحق بصره فالأسماء كلها موجودة والمسميات منها ما هي معدومة العين لذاتها ومنها ما هي متقدمة العدم لذاتها وهي التي تقبل الوجود والأحوال لا تقبل الوجود مع إطلاق الاسم على كل ذلك فللأسماء الإحاطة والإحاطة لله لا لغيره فمرتبة الأسماء الإلهية وما فضل آدم الملائكة إلا بإحاطته بعلم الأسماء فإنه لولا الأسماء ما ذكر الله شيئا ولا ذكر الله شئ فلا يذكر إلا بها ولا يذكر ويحمد إلا بها فما زاحم صفة العلم في الإحاطة إلا القول والقول كله أسماء ليس القول غير الأسماء والأسماء علامات ودلائل على ما تحتها من المعاني فمن ظهر له نور الأسماء فقد ظهر له ما لا يمكن ذكره لا أقول غير ذلك ولولا أن الحق أطلق لفظة الكل على الأسماء في صفة علم آدم لقلنا من المحال أن يظهر انبساط نور الأسماء على المسميات لعين ولكن من فهم قول الله تعالى ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء وأشار علم ما التزمناه من الأدب وما أراد الله بلفظة كل في هذا التشريف وأما أنوار المولدات والأمهات والعلل والأسباب فهو تجل إلهي من كونه مؤثرا ومن كونه مجيبا إذا سئل وغافرا إذا استغفر ومعطيا إذا سئل وبهذا التجلي وهذه الأنوار تعلم قوله إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله وقوله أيضا عز وجل من يطع الرسول فقد أطاع الله وقوله تبارك وتعالى إن الصدقة تقع بيد الرحمن وقوله وأقرضوا الله قرضا حسنا وقوله عليه السلام إن الله يفرح بتوبة عبده فافهم
(٤٨٩)