يصور كل ما حصل عنده في صورة المحسوس لا بد من ذلك فإن كان ورود ذلك الوحي الإلهي في حال النوم سمي رؤيا وإن كان في حال اليقظة سمي تخيلا أي خيل إليه فلهذا بدئ الوحي بالخيال ثم بعد ذلك انتقل الخيال إلى الملك من خارج فكان يتمثل له الملك رجلا أو شخصا من الأشخاص المدركة بالحس فقد ينفرد هذا الشخص المراد بذلك الوحي بإدراك هذا الملك وقد يدركه الحاضرون معه فيلقي على سمعه حديث ربه وهو الوحي وتارة ينزل على قلبه ص فتأخذه البرحاء وهو المعبر عنه بالحال فإن الطبع لا يناسبه فلذلك يشتد عليه وينحرف له مزاج الشخص إلى أن يؤدي ما أوحى به إليه ثم يسرى عنه فيخبر بما قيل له وهذا كله موجود في رجال الله من الأولياء والذي اختص به النبي من هذا دون الولي الوحي بالتشريع فلا يشرع إلا النبي ولا يشرع إلا رسول خاصة فيحلل ويحرم ويبيح ويأتي بجميع ضروب الوحي والأولياء ليس لهم من هذا الأمر إلا الإخبار بصحة ما جاء به هذا الرسول وتعيينه حتى يكون هذا التابع على بصيرة فيما تعبده به ربه على لسان هذا الرسول إذ كان هذا الولي لم يدرك زمانه حتى يسمع منه كما سمع أصحابه فصار هذا الولي بهذا النوع من الخطاب بمنزلة الصاحب الذي سمع من لفظ رسول الله ص ما شرع ولذلك جاء في القرآن أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وهم هؤلاء الذين ذكرناهم فرب حديث صحيح من طريق رواية الثقات عندنا ليس بصحيح في نفس الأمر فنأخذه على طريق غلبة الظن لا على العلم وهذه الطائفة التي ذكرناها تأخذه من هذا الطريق فنكون من عدم صحة ذلك الخبر الصحيح عندنا على بصيرة أنه ليس بصحيح في نفس الأمر وبالعكس وهو أن يكون الحديث ضعيفا من أجل ضعف الطريق من وضاع فيه أو مدلس وهو في نفس الأمر صحيح فتدرك هذه الطائفة صحته فتكون فيه على بصيرة فهذا معنى قوله تعالى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وهم هؤلاء فهم ورثة الأنبياء لاشتراكهم في الخبر وانفراد الأنبياء بالتشريع قال تعالى يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده فجاء بمن وهي نكرة لينذر يوم التلاق فجاء بما ليس بشرع ولا حكم بل بإنذار فقد يكون الولي بشيرا ونذيرا ولكن لا يكون مشرعا فإن الرسالة والنبوة بالتشريع قد انقطعت فلا رسول بعده ولا نبي أي لا مشرع ولا شريعة فاعلم ذلك فلنرجع إلى ما بوبنا عليه ثبت عن رسول الله ص أنه قال إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي قال فشق ذلك على الناس فقال لكن المبشرات فقالوا يا رسول الله وما المبشرات فقال رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة هذا حديث حسن صحيح من حديث أنس بن مالك حدثنا به إمام المقام بالحرم المكي الشريف تجاه الركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود سنة أربع وستمائة شيخنا مكين الدين أبو شجاع زاهر بن رستم الأصفهاني البزار وغيره عن أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكرخي الهروي قال أخبرني أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي وأبو بكر أحمد بن أبي حاتم العورجي التاجر قالوا أخبرنا محمد بن عبد الجبار الجراحي قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد حدثنا المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله ص وذكر هذا الحديث قال وفي الباب عن أبي هريرة وحذيفة وابن عباس وأم كرز فأخبر ص أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة فقد بقي للناس من النبوة هذا وغيره ومع هذا لا يطلق اسم النبوة ولا النبي إلا على المشرع خاصة فحجر هذا الاسم لخصوص وصف معين في النبوة وما حجر النبوة التي ليس فيها هذا الوصف الخاص وإن كان حجر الاسم فنتأدب ونقف حيث وقف ص بعد علمنا بما قال وما أطلق وما حجر فنكون على بينة من أمرنا وإذا علمت هذا فلنقل إن الرؤيا ثلاث منها بشرى وهي ما نحن بصدده في هذا الباب ورؤيا مما يحدث المرء به نفسه في اليقظة فيرتقم في خياله فإذا نام أدرك ذلك بالحس المشترك لأنه تصوره في يقظته فبقي مرتسما في خياله فإذا نام وانصرفت الحواس إلى خزانة الخيال أبصرت ذلك وسيأتي علم ذلك كله وصورته والرؤيا الثالثة من الشيطان وروينا في هذا حديثا صحيحا من حديث أبي عيسى الترمذي قال حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن
(٣٧٦)