إن الرسالة في الدنيا قد انقطعت * في وقتنا للذي قد جاء في الخبر وقد مضى حكمها دنيا وآخرة * وما لها في وجود العين من أثر لولا التكاليف لم يختص صاحبها * عن غيره لوجود الوحي والنظر النحل يوحى إليه دائما أبدا * إلى القيامة في السكنى وفي الثمر الرسالة نعت كوني متوسط بين مرسل ومرسل إليه والمرسل به قد يعبر عنه بالرسالة وقد تكون الرسالة حال الرسول وهي بالجملة ليست بمقام وإنما هي نسبة حال وتنقطع بانقطاع التبليغ بالفعل ويزول حكمها بانقضاء التبليغ قال تعالى ما على الرسول إلا البلاغ وأوجب عليه ذلك فقال يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته فالرسالة هنا هي التي أرسل بها وبلغها وهكذا وردت في القرآن حيثما وردت ولا يقبلها الرسول إلا بوساطة روح قدسي أمين ينزل بالرسالة على قلبه وأحيانا يتمثل له الملك رجلا وكل وحي لا يكون بهذه الصفة لا يسمى رسالة بشرية وإنما يسمى وحيا أو إلهاما أو نفثا أو إلقاء أو وجودا ولا تكون الرسالة إلا كما ذكرنا ولا يكون هذا الوصف إلا للرسول البشري وما عدا هذا من ضروب الوحي فإنه يكون لغير النبي والرسول والفرق بين النبي والرسول أن النبي إذا ألقى إليه الروح ما ذكرناه اقتصر بذلك الحكم على نفسه خاصة ويحرم عليه أن يتبع غيره فهذا هو النبي فإذا قيل له بلغ ما أنزل إليك إما لطائفة مخصوصة كسائر الأنبياء وإما عامة للناس ولم يكن ذلك إلا لمحمد ص لم يكن لغيره قبله فسمى بهذا الوجه رسولا والذي جاء به رسالة وما اختص به من الحكم في نفسه وحرم على غيره من ذلك الحكم هو نبي مع كونه رسولا وإن لم يخص في نفسه بحكم لا يكون لمن بعث إليهم فهو رسول لا نبي وأعني نبوة الشرائع التي ليست للأولياء فكل رسول لم يخص بشئ من الحكم في حق نفسه فهو رسول لا نبي وإن خص مع التبليغ فهو رسول ونبي فما كل رسول نبي على ما قلناه ولا كل نبي رسول بلا خلاف ثم إن الورثة وهم الأتباع الذين أمروا بالتبليغ كمعاذ وعلي ودحية رسل رسول الله ص ولا يزال كل متأخر مأمورا بالتبليغ ممن أمر بالتبليغ متصل الطريق مأمورا عن مأمور إلى رسول الله ص يسمى رسولا ولكن ما هي الرسالة التي انقطعت والرسالة التي انقطعت هي تنزل الحكم الإلهي على قلب البشر بوساطة الروح كما قررناه فذلك الباب هو الذي سد والرسالة والنبوة التي انقطعت وأما الإلقاء بغير التشريع فليس بمحجور ولا التعريفات الإلهية بصحة الحكم المقرر أو فساده فلم تنقطع وكذلك تنزل القرآن على قلوب الأولياء ما انقطع مع كونه محفوظا لهم ولكن لهم ذوق الإنزال وهذا لبعضهم (ولهذا) ذكر عن أبي يزيد أنه ما مات حتى استظهر القرآن أي أخذه عن إنزال وهو الذي نبه النبي ص فيمن حفظ القرآن يعني على هذا الوجه أن النبوة قد أدرجت بين جنبيه ولم يقل في صدره وهذا معنى استظهار القرآن أي أخذه عن ظهر فله مثل هذا التنزل مستمر فيمن شاء الله من عباده لكن على هذا النعت والصفة وهو قوله تعالى يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده فالرسل مبشرون ومنذرون والورثة منذرون خاصة لا مبشرون لكنهم مبشرون اسم مفعول فإذا بشر الولي أحدا بسعادة فما هو من هذا الباب بل البشارة في ذلك بتعيين السعيد وبشارة الأنبياء متعلقة بالعمل المشروع وهو أنه من عمل كذا كان له كذا في الجنة أو نجاه الله من النار بعمل كذا هذا لا يكون إلا للرسل ليس للولي فيه دخول وله أن يعطي تعيين السعيد لا من حيث العمل فيقول في الكافر وهو في حال كفره إنه سعيد وفي المؤمن في حال إيمانه إنه شقي فيختم لكل واحد بالسبب الموجب لسعادته أو شقاوته تصديقا لقول الولي هذا القدر بقي للأولياء من نبوة الإخبار لا من نبوة التشريع ولها من الحروف ياء العلة وله الدعوى والآيات وصاحبها مسؤول وله الكشف في أوقات وهو قوله لا تحرك به لسانك لتعجل به وهي وإن نزلت من الكرسي فإذا رجعت فلا تتعدى سدرة المنتهى والرسالة تنزل معاني وتعود إلى السدرة صورا ينشئها العبد إنشاء وهذا له من الاسم الخلاق الذي أعطى ومعراجها براقي ورفرفي ولكن من السماوات ورئيس أرواحها النازلين بها جبريل وهو أستاذ الرسل وهو الموكل بهذا المقام وما يتصور لهذا المقام نسخ وإنما الأشخاص تختلف وكل شخص يجري فيه إلى أجل مسمى ولهذا جاء والمرسلات عرفا وقال رسلنا
(٢٥٨)