أوضحه اللسن فإن قلت وما اللسن قلنا ما يقع به الإفصاح الإلهي لآذان العارفين وهي كلمة الحضرة فإن قلت وما كلمة الحضرة قلنا كن ولا يقال كن إلا لذي رؤية ليعلم من يقول له كن على الشهود فإن قلت وما الرؤية قلنا المشاهدة بالبصر لا بالبصيرة حيث كان وهو لأصحاب النعت فإن قلت وما النعت قلنا ما طلب النسب العدمية كالأول ولا يعرفه إلا عبيد الصفة فإن قلت وما الصفة قلنا ما طلب المعنى الوجودي كالعالم والعلم لأهل الحد فإن قلت وما الحد قلنا الفصل بينك وبينه لتعرف من أنت فتعرف أنه هو فتلزم الأدب معه وهو يوم عيدك فإن قلت وما العيد قلنا ما يعود عليك في قلبك من التجلي بعود الأعمال وهو قوله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمل حتى تملوا فطوبى لأهل القدم فإن قلت وما القدم قلنا ما ثبت للعبد في علم الحق به قال تعالى أن لهم قدم صدق أي سابق عناية عند ربهم في علم الله ويتميز ذلك في الكرسي فإن قلت وما الكرسي قلنا علم الأمر والنهي فإنه قد ورد في الخبر أن الكرسي موضع القدمين قدم الأمر وقدم النهي الذي قيده العرش فإن قلت وما العرش قلنا مستوي الأسماء المقيدة وفيه ظهرت صورة المثل من ليس كمثله شئ وهذا هو المثل الثابت فإن قلت وما المثل قلنا المخلوق على الصورة الإلهية الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم على صورته وقال تعالى فيه إني جاعل في الأرض خليفة وهو نائب الحق الظاهر بصورته وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله أظهره النائب ومشهد هذا النائب حجاب العزة ليلا يغلط في نفسه فإن قلت وما حجاب العزة قلنا العمي والحيرة فإنه المانع من الوصول إلى علم الأمر على ما هو عليه في نفسه ولا يقف على حقيقة هذا الأمر إلا أهل المطلع فإن قلت وما المطلع قلنا الناظر إلى الكون بعين الحق ومن هنالك يعلم ما هو ملك الملك فإن قلت وما هو ملك الملك قلنا هو الحق في مجازاة العبد على ما كان منه مما أمر به وما لم يؤمر به ويختص بهذا الأمر عالم الملكوت فإن قلت وما عالم الملكوت قلنا عالم المعاني والغيب والارتقاء إليه من عالم الملك فإن قلت وما عالم الملك قلنا عالم الشهادة والحرف وبينهما عالم البرزخ فإن قلت وما عالم البرزخ قلنا عالم الخيال ويسميه بعض أهل الطريق عالم الجبروت وهكذا هو عندي ويقول فيه أبو طالب صاحب القوت عالم الجبروت هو العالم الذي أشهد العظمة وهم خواص عالم الملكوت ولهم الكمال فإن قلت وما الكمال قلنا التنزه عن الصفات وآثارها ولا يعرفها إلا الساكن بأرين فإن قلت وما أرين قلنا عبارة عن الاعتدال في قوله أعطى كل شئ خلقه ثم هدى فإن أرين موضع خط اعتدال الليل والنهار فاستعاروه وقد ذكره منهم عبد المنعم بن حسان الجلباني في مختصره غاية النجاة له ولقيته وسألته عن ذلك فقال فيه ما شرحناه به وصاحب هذا المقام هو صاحب الرداء فإن قلت وما الرداء قلنا الظهور بصفات الحق في الكون فإن قلت وما الكون قلنا كل أمر وجودي وهو خلاف الباطل فإن قلت وما يريد أهل الله بالباطل قلنا العدم ويقابل الباطل الحق فإن قلت وما الحق عندهم قلنا ما وجب على العبد القيام به من جانب الله وما أوجبه الرب للعباد على نفسه إذ كان هو العالم والعلم فإن قلت وما العالم والعلم قلنا العالم من أشهده الله ألوهته وذاته ولم يظهر عليه حال والعلم حاله ولكن بشرط أن يفرق بينه وبين المعرفة والعار ف فإن قلت وما المعرفة والعارف قلنا من مشهده الرب لا اسم الإلهي غيره فظهرت منه الأحوال والمعرفة حاله وهو من عالم الخلق كما أن العالم من عالم الأمر فإن قلت وما عالم الخلق والأمر والله يقول ألا له الخلق والأمر قلنا عالم الأمر ما وجد عن الله لا عند سبب حادث وعالم الخلق ما أوجده الله عند سبب حادث فالغيب فيه مستور فإن قلت وما الغيب في اصطلاحكم قلنا الغيب ما ستره الحق عنك منك لا منه ولهذا يشار إليه فإن قلت وما الإشارة قلنا الإشارة نداء على رأس البعد يكون في القرب مع حضور الغير ويكون مع البعد في العموم والخصوص فإن قلت وما العموم والخصوص عندهم قلنا العموم ما يقع في الصفات من الاشتراك والخصوص ما يقع به الانفراد وهو أحدية كل شئ وهو لب اللب فإن قلت وما لب اللب قلنا مادة النور الإلهي يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار نور على نور فلب اللب هو قوله نور على نور فإن قلت وما اللب قلنا ماضين من العلوم عن القلوب المتعلقة بالسوى وهو القشر فإن قلت وما القشر قلنا كل علم يصون عين المحقق من الفساد لما يتجلى له من خلف حجاب الظل فإن قلت وما الظن قلنا وجود الراحة خلف حجاب الضياء فإن قلت وما الضياء قلنا ما ترى به الأغيار بعين الحق فالظل من أثر الظلمة والضياء من أثر النور والعين
(١٢٩)