وأما الثانية: فلأن مفاد تلك الأدلة بالنسبة إلى المال المتروك والحق المتروك شئ واحد، ولا يستفاد منها بالنسبة إلى المال الاشتراك وبالنسبة إلى الحق التعدد، إلا مع استعمال الكلام في معنيين.
هذا، مع أن مقتضى ثبوت ما كان للميت لكل من الورثة أن يكونوا كالوكلاء المستقلين، فيمضي السابق من إجازة أحدهم أو فسخه، ولا يؤثر اللاحق، فلا وجه لتقدم الفسخ على الإجازة على ما ذكره.
وأما الوجه الثاني: فهو وإن لم يكن منافيا لظاهر أدلة الإرث:
من ثبوت مجموع المتروك لمجموع الوارث، إلا أن تجزئة الخيار بحسب متعلقه - كما تقدم - مما لم تدل عليه أدلة الإرث. أما ما كان منها - كالنبوي - غير متعرض للقسمة فواضح، وأما ما تعرض فيه للقسمة - كآيات قسمة الإرث بين الورثة - فغاية ما يستفاد منها في المقام بعد ملاحظة عدم انقسام نفس المتروك هنا ثبوت القسمة فيما يحصل بإعمال هذا الحق أو إسقاطه، فيقسم بينهم العين المستردة بالفسخ، أو ثمنها الباقي في ملكهم بعد الإجازة على طريق الإرث.
وأما ثبوت الخيار لكل منهم مستقلا في حصته، فلا يستفاد من تلك الأدلة، فالمتيقن من مفادها هو ثبوت الخيار الواحد الشخصي للمجموع، فإن اتفق المجموع على الفسخ انفسخ في المجموع، وإلا فلا دليل على الانفساخ في شئ منه.
ومن ذلك يظهر: أن المعنى الثاني للوجه الثالث - وهو قيام الخيار بالطبيعة المتحققة في ضمن المجموع - أيضا لا دليل عليه، فلا يؤثر فسخ أحدهم وإن لم يجز الآخر، مع أن هذا المعنى أيضا مخالف لأدلة الإرث، لما عرفت من أن مفادها بالنسبة إلى المال والحق واحد، ومن المعلوم: