ومما ذكرنا: من انقسام الأحكام الشرعية المدلول عليها في الكتاب والسنة على قسمين، يظهر لك معنى قوله عليه السلام - في رواية إسحاق بن عمار المتقدمة -: " المؤمنون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما " (1)، فإن المراد ب " الحلال " و " الحرام " فيها ما كان كذلك بظاهر دليله حتى مع الاشتراط، نظير شرب الخمر وعمل الخشب صنما أو صورة حيوان، ونظير مجامعة الزوج التي دل بعض الأخبار السابقة (2) على عدم ارتفاع حكمها - أعني الإباحة متى أراد الزوج - باشتراط كونها بيد المرأة، ونظير التزويج (3) والتسري والهجر، حيث دل بعض تلك الأخبار (4) على عدم ارتفاع إباحتها باشتراط تركها معللا بورود الكتاب العزيز بإباحتها.
أما ما كان حلالا لو خلي وطبعه بحيث لا ينافي حرمته أو وجوبه بملاحظة طرو عنوان خارجي عليه، أو كان حراما كذلك، فلا يلزم من اشتراط فعله أو تركه إلا تغير عنوان الحلال والحرام الموجب لتغير الحل والحرمة، فلا يكون حينئذ تحريم حلال ولا تحليل حرام.
ألا ترى أنه لو نهى السيد عبده أو الوالد ولده عن فعل مباح، أعني: مطالبة غريم (5) ما له في ذمة غريمه، أو حلف المكلف على تركه،