أن يكلم عثمان فيه فقال له علي: يا عثمان إتق الله فإنك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره، وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان: أنت أحق بالنفي منه! فقال علي: رم ذلك إن شئت! واجتمع المهاجرون فقالوا: إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته، فإن هذا شئ لا يسوغ، فكف عن عمار). انتهى. وقد وضعنا نقاطا بدل كلمة بذيئة جدا!
أبو ذر رحمه الله لم يستعمل القوة، لكن لم يسكت عن بيان الحق!
التزم أبو ذر رحمه الله بوصية النبي صلى الله عليه وآله وتوجيهات علي عليه السلام فلم يستعمل القوة ولم يرض أن يستعملها أنصاره ومحبوه، لكنه كان يوصي المسلمين ويحثهم على أن يتكلموا ويجاهروا بنقد بني أمية وكشف انحرافهم وتحريفهم للدين! والحديث التالي الذي نقله أتباع بني أمية، يدل على مكانة أبي ذر رحمه الله في نفوس المسلمين وإصراره على حقه في المقاومة السلمية، وحرية التعبير عن الرأي!
فقد روى بخاري في صحيحه: 1 / 25، حديثا عن أبي ذر وبتره، قال: (وقال أبو ذر لو وضعتم الصمصامة على هذه وأشار إلى قفاه ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله (ص) قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها).
ورواه الدارمي في سننه كاملا فقال: 1 / 136 عن كثير قال: (أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع الناس عليه يستفتونه، فأتاه رجل فوقف عليه ثم قال: ألم تنه عن الفتيا؟! فرفع رأسه إليه فقال: أرقيب أنت علي؟! لو وضعتم الصمصامة على هذه، وأشار إلى قفاه، ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها!). (والطبقات: 2 / 354، وسير أعلام النبلاء: 2 / 64، وأنساب الأشراف / 2841، ونهاية ابن الأثير / 810، وتذكرة الحفاظ: 1 / 9، وتاريخ دمشق: 66 / 194، وفتح الباري: 1 / 148).