مفهوم معاوية وقريش للعن يختلف عن المفهوم الإسلامي المفهوم الإسلامي للعن أنه حكم إلهي بطرد شخص شرير من رحمة الله تعالى، وهو كأي حكم لا يثبت إلا بإخبار وتبليغ من النبي صلى الله عليه وآله، فلا يكون إلا بوحي الله تعالى، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وآله: لعن الله فلانا، أن الله أخبرني أنه صدر فيه حكم الطرد من رحمته، وها أنا أخبركم. فاللعن لا يتحقق إلا بإخبار معصوم.
أما إنشاء اللعن بقولك: لعن الله فلانا، فمعناه أني ألعن من لعنه الله تعالى، فإن كان الشخص صدر لعنه من الله تعالى فقد وقع لعنك في محله، وإلا فهو مجرد ادعاء منك، ليس له أي أثر!
أما في مفهوم معاوية وقريش، فاللعن إنشاء، وله تأثير وضعي (أتوماتيكي) من أي شخص صدر! وقد أخذوه من ثقافتهم الوثنية وثقافة اليهود!
وقد أصر القرشيون على ذلك وادعى رواتهم أن لعن النبي صلى الله عليه وآله لزعماء قريش المشركين كان عملا من عند نفسه، وأن الله تعالى وبخه على ذلك وأنزل عليه آية (ليس لك من الأمر شئ) فندم النبي صلى الله عليه وآله ودعا الله أن يجعل لعنته لقريش وظلمه لهم (صلاة وقربة، وزكاة وأجرا، وزكاة ورحمة، وكفارة له يوم القيامة، وقربة تقربه بها يوم القيامة، ومغفرة وعافية، وكذا وكذا.. وبركة ورحمة ومغفرة وصلاة.. على حد تعابيرهم)! في عشرات الروايات في أصح كتبهم (البخاري: 7 / 157)! فصار الملعونون على لسان النبي صلى الله عليه وآله بهذه الأدعية أربح وأفضل من غيرهم!
لكن مع كل ما قاله القرشيون لتهوين اللعن، بقيت حساسيتهم منه عالية متأثرة بالمفهوم الجاهلي، حتى لو أن شخصا لعن بعيرا لنفروا منه، لأنه حلت فيه اللعنة وصار مشؤوما، وسقط عن الاستفادة! بل لم يرافقوه مع حاجتهم الشديدة اليه!
وقد فعل ذلك عمر! ففي مصنف ابن أبي شيبة: 6 / 163 بسند صحيح عندهم: (بينما