وسرعان ما ظهر رأي علي عليه السلام وانكشفت نية أبي سفيان وأنه يريد دفع بني هاشم والأنصار إلى إعلان الحرب على قريش ويدفعوهم إلى إعلان الردة عن الإسلام! ولا يقصد إلا دنيا ينالها هو وأولاده فقط! ففي العقد الفريد: ص 1005: (فلما قدم المدينة جعل يطوف في أزقتها ويقول: بني هاشم.. إلى آخر الأبيات... فقال عمر لأبي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرا، وقد كان النبي (ص) يستألفه على الإسلام، فدع له ما بيده من الصدقة ففعل، فرضي أبو سفيان وبايعه). انتهى.
لكن أبا سفيان لم يكن ليقنع بهذه الجبنة الصغيرة ثمنا لسكوته وبيعته، بل يريد تولية أولاده مناصب كبيرة في دولة بني تيم وعدي! فعينوا ابنه عتبة واليا على الطائف، وابنه يزيدا على فتح الشام، وهو منصب مهم جعل أبا سفيان يقضي أكثر وقته في الشام!
أبو سفيان يستقوي بعمر على أبي بكر!
قال الطبري في تاريخه: 2 / 586: (فأول لواء عقده لواء خالد بن سعيد بن العاص (وهو أموي شيعي) ثم عزله قبل أن يسيره، وولى يزيد بن أبي سفيان، فكان أول الأمراء الذين خرجوا إلى الشام). انتهى.
أقول: خالد بن سعيد بن العاص الأموي من أوائل المسلمين، والقادة الشجعان وحياته غنية تستحق دراسة خاصة. والسبب في عزله وتعيين ابن أبي سفيان بدله إصرار عمر على أبي بكر، لأن خالدا وإخوته أبانا وعمروا كانوا من أشد المخالفين للسقيفة، وكان خالد أول الاثني عشر من شخصيات المهاجرين والأنصار الذين خطبوا في المسجد يوم الجمعة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وأدانوا عمل عمر والطلقاء في السقيفة ومخالفتهم لوصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام! وقد أجابه عمر فوبخه خالد وأسكته! وحديثه طويل نأخذ منه قول خالد الذي رواه في الإحتجاج: