واعجب لضعف عمر العدوي أمام أبي سفيان ومعاوية، فقد نصب معاوية نفسه بعد موت أخيه بدون مراجعة عمر فوافق عمر عليه! ولم يسمع لاعتراض الصحابة على تولية معاوية لحداثة سنه! (تاريخ دمشق: 59 / 86، وسير الذهبي: 3 / 126).
ثم كان عمر يوبخ عماله ويعزلهم ويحاسبهم حتى أنه صارحهم بأنهم جمعوا المال الحرام وناصفهم أموالهم! بينما لم يوبخ معاوية يوما ولا حاسبه على شئ ولا قبل عليه شكاية، بل كان يغرس في نفسه أنه كسرى العرب! (وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب). (نثر الدرر للآبي / 255، ونحوه وأسد الغابة: 4 / 386، وفتح الباري: 7 / 311). بل كان عمر يراه أعظم من كسرى، فقال: (تذكرون كسرى وقيصر ودهائهما وعندكم معاوية؟!). (تاريخ الطبري: 4 / 244)!
بل هدد به أهل الشورى إن خالفوا ترتيبه ولم يرضوا بعثمان: (قال عمر لأهل الشورى: إن اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام، وبعده عبد الله بن أبي ربيعة من اليمن، فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم). (تاريخ دمشق: 59 / 124، والإصابة: 4 / 70، والتحفة اللطيفة للسخاوي: 2 / 35). أي أطيعوني وبايعوا من يختاره ابن عوف وإلا خسرتم الحكم كليا، وفرض بنو أمية عليكم عثمان أو معاوية بالقوة، فهذه الشام بيدهم واليمن أيضا! ومع ذلك يراه معاوية مقصرا في حق بني أمية!
4 - معاوية: أنا خليفة الله بقانون الغلبة وعقيدة الجبرية!
كان الإعلان الأول لمعاوية في النخيلة أنه قال للمسلمين: (ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا، وقد أعرف أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون). (الذهبي في سيره: 3 / 146).
ومعنى ذلك: أولا، أن هدفه الحقيقي من سفكه لدماء المسلمين، ونيته وهدفه من أول الأمر هو: التسلط والتأمر على رقابهم! لا دم عثمان ولا علتان.