إن جوارك جائز، وقد أجارت أختك أبا العاص بن الربيع، فأجاز محمد ذلك. فقالت فاطمة: ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأبت عليه، فقال: مري أحد هذين ابنيك يجير بين الناس، قالت: إنهما صبيان، وليس يجير الصبي. فلما أبت عليه أتى عليا فقال: يا أبا حسن، أجر بين الناس وكلم محمدا ليزيد في المدة، فقال علي: ويحك يا أبا سفيان! إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد عزم ألا يفعل، وليس أحد يستطيع أن يكلمه في شئ يكرهه)! (وسيرة ابن هشام: في طبعة أخرى: 5 / 50، وأخبار مكة للفاكهي: 5 / 208 وعيون الأثر: 2 / 184، وسيرة ابن كثير: 3 / 531، وسبل الهدى: 5 / 207، والروض الأنف: 4 / 148، ونهاية الإرب / 3685، وغيرها).
قال ابن عبد البر في الدرر / 213: (ثم ركب وانطلق راجعا إلى مكة، فلما قدمها أخبر قريشا بما لقي وبما فعل، فقالوا له: ما جئت بشئ! وما زاد علي بن أبي طالب على أن لعب بك! ثم أعلن رسول الله (ص) المسير إلى مكة، وأمر الناس بالجهاز لذلك، ودعا الله تعالى في أن يأخذ عن قريش الأخبار، ويستر عنهم خروجه). انتهى.
أبو سفيان أسير حرب، غلاما للنبي صلى الله عليه وآله!
لم تطل المدة حتى فاجأ النبي صلى الله عليه وآله في السنة الثامنة للهجرة أبا سفيان وقريشا في عقر دارهم في مكة! فما شعروا إلا وهم محاصرون بعشرة آلاف من جنود الإسلام، والنبي صلى الله عليه وآله يطلب منهم خلع سلاحهم والتسليم، أو الحرب!
فانخلعت أفئدة زعماء قريش وانهارت مقاومتهم! وهرع أبو سفيان يسأل: أين العباس بن عبد المطلب، ليأخذ له الأمان من النبي صلى الله عليه وآله قبل أن يدخل مكة!
وجاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في مركز قيادته يجر وراءه أبا سفيان كبير أئمة الكفر! قال ابن هشام: 4 / 862، وصححه مجمع الزوائد: 6 / 166: (فقال رسول الله (ص): إذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به! قال: فذهبت