يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الحميت الدسم الأحمس، قبحه من طليعة قوم! (أي الزق الأسود - الدسم! وفي رواية: الأحمش أي الهزيل. لسان العرب: 2 / 26) قال: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لاقبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قالوا: قاتلك الله وما تغني عنا دارك! قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد). انتهى.
هنا تلمس انبهار أبي سفيان بالقوة المادية! وعماه عن المعجزات النبوية، كما ترى أن النبي صلى الله عليه وآله قد أثر فيه بخلقه العظيم فجعله يفكر في نفسه: إن ملك محمد عظيم وهو من بني عمنا بني عبد مناف وقد عفا عني، فإن أعطاني لي ولأولادي وبني أمية حصة جيدة فأنا حاضر لأن أجامله، وأظهر إيماني بنبوته!
لكن زعماء قريش كان لهم تفكير آخر، فقرروا بسبب ليونة أبي سفيان مع النبي صلى الله عليه وآله أن يستبدلوه برجل صلب، هو سهيل بن عمرو السهمي.
النبي صلى الله عليه وآله يعفو عن أبي سفيان ويأخذه معه إلى حرب حنين!
ودخل النبي صلى الله عليه وآله مكة فاتحا خاشعا لربه، ساجدا على قربوس فرسه، وجمع أئمة الكفر وجنودهم في المسجد، وأعلنهم أسرى حرب عبيدا له، ومن عليهم بالإطلاق لا بالعتق! وعين حاكما على مكة من بني أمية، مع مساعد أنصاري!
أعلن لهم النبي صلى الله عليه وآله أنهم ما داموا شهروا إسلامهم فقد صاروا جزء ملحقا بأمته إلحاقا، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، ودعاهم إلى التوجه معه إلى محاربة هوازن التي جمعت لحربه في وادي حنين عند الطائف، فاضطر زعماء قريش وهم سكارى مما حصل، أن يسيروا معه في ألفي مقاتل، والنبي صلى الله عليه وآله في عشرة