وعليه، فلا أصل لولاية أبي سفيان التي يدعي معاوية وراثتها! لأنها قيادة محدودة أعطاها رؤساء قريش في الجاهلية لبني أمية، ثم أعطاها المشركون لأبي سفيان في حربهم للنبي صلى الله عليه وآله بعد مقتل رئيسهم عتبة بن ربيعة في بدر، وهو والد هند آكلة الأكباد. (شرح النهج: 1 / 334، وإمتاع الأسماع: 6 / 185). على أنهم عزلوا أبا سفيان بعد فتح مكة، ونصبوا مكانه سهيل بن عمرو السهمي الجمحي!
فإن كان مصدر ولاية أبي سفيان اختيار مشركي قريش فقد انتهى بعزلهم إياه! على أن الإسلام أبطل كل ولاية في الجاهلية بنص النبي صلى الله عليه وآله في خطبته في فتح مكة! أضف إلى ذلك ما رواه عمر وغيره: إن الخلافة لا تصح للطلقاء وأبنائهم!
وبذلك يتضح أن معاوية لا يملك أساسا حقوقيا لتسلطه، وأن منطقه في ذلك جاهلي لا يقبله كتاب ولا سنة، ولا عمر ولا علي عليه السلام، ولا سني ولا شيعي!
3 - معاوية: يصرح بأن عمر شق عصا الأمة وسفك دماءها!
انسجاما مع ادعائه بأن معدن الرئاسة وحكم العرب هم بنو عبد مناف، وفرع بني أمية بالذات! صرح معاوية بأن عمر قام بخرق دستوري تخريبي في قيادة العرب والمسلمين، بتشكيله شورى فتحت باب سفك الدماء في الأمة!
ومع أن عمر حرص على نقل السلطة إلى بني أمية، فأعطى حق النقض لعبد الرحمن بن عوف صهر عثمان! لكن (جريمته) في رأي معاوية أنه أدخل في الشورى من غير بني أمية وبني مناف، ففتح شهية القبائل الصغيرة أو الرذلة على حد تعبير أبي سفيان، للخلافة وحكم العرب! (فهذا الذي سفك دماء هذه الأمة وشق عصاها وفرق ملأها)! قال معاوية هذا الكلام عندما جاءه زياد بن أبيه طامعا في ولاية عهده بدل يزيد فأهانه معاوية ووبخه وهدده أن يخرجه من بني أمية ويرده إلى نسب عبيد زوج سمية!