قال: ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيرا، ولا لأعمال الظلمة مصلحا، ولا لهم معينا! أيها الناس، إجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبا لله عز وجل إذا عصي في الأرض، ولا ترضوا أئمتكم بسخط الله، وإن أحدثوا ما لا تعرفون فجانبوهم وأزروا عليهم، وإن عذبتم وحرمتم وسيرتم (نفيتم) حتى يرضى الله عز وجل فإن الله أعلا وأجل! لا ينبغي أن يسخط برضا المخلوقين. غفر الله لي ولكم أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله.
فناداه الناس أن سلام الله عليك ورحمك يا أبا ذر، يا صاحب رسول الله، ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك، ألا نمنعك؟! فقال لهم: ارجعوا رحمكم الله فإني أصبر منكم على البلوى، وإياكم والفرقة والاختلاف. فمضى حتى قدم على عثمان فلما دخل عليه قال له: لا قرب الله بعمرو عينا، فقال أبو ذر: والله ما سماني أبواي عمروا، ولكن لا قرب الله من عصاه وخالف أمره وارتكب هواه. فقام إليه كعب الأحبار فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ تجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام! فرفع أبو ذر عصا كانت في يده فضرب بها رأس كعب ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين؟! فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد!
فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار، قد خرفت وذهب عقلك! أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم أنخسوا به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصا! وتقدم أن لا يشيعه أحد من الناس فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فبكى حتى بل لحيته بدموعه ثم قال: أهكذا يصنع بصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لله وإنا إليه راجعون! ثم نهض ومعه الحسن والحسين وعبد الله بن العباس والفضل وقثم وعبيد الله حتى لحقوا أبا ذر فشيعوه. فلما بصر بهم أبو ذر رحمه الله حن إليهم وبكى عليهم وقال: بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول