وأما قولك إنا بنو عبد مناف، فكذلك نحن، ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق! ولا المحق كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل. ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنم! وفي أيدينا بعد فضل النبوة، التي أذللنا بها العزيز، ونعشنا بها الذليل. ولما أدخل الله العرب في دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل في الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم! فلا تجعلن للشيطان فيك نصيبا، ولا على نفسك سبيلا)! (نهج البلاغة: 3 / 16، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 361، وربيع الأبرار / 729، وذكر له السيد مرتضى في الصحيح من السيرة: وقعة صفين لنصر بن مزاحم / 471 والفتوح لابن أعثم: 3 / 260، ونهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده: 3 / 18 الكتاب رقم 17 وشرح النهج للمعتزلي: 15 / 117 والإمامة والسياسة: 1 / 118، والغدير: 3 / 254 عنهم، وعن: ربيع الأبرار للزمخشري باب 66، وعن مروج الذهب: 2 / 62. وراجع أيضا: الفتوح لابن أعثم: 3 / 260 ومناقب الخوارزمي الحنفي / 180).
وهذه شهادة خطيرة من أمير المؤمنين عليه السلام بأن معاوية لصيق ليس لأبيه: (ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق)!
وأمير المؤمنين عليه السلام أتقى الأتقياء بعد النبي صلى الله عليه وآله فلو لم يكن يعلم أن معاوية ليس ابن أبي سفيان لما شهد بها، بل لم يتوقف في الشهادة له!
ولعل في كلامه عليه السلام إشارة إلى أن بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ليسوا لأمية، ويروى أن أمية كان عقيما وأن أولاده من عبده الرومي ذكوان! ولا يتسع المجال لبسط القول في ذلك، فقد كان متفقا على أن بني هاشم هم النسب الصافي من ذرية إسماعيل وإبراهيم عليهم السلام، وكانوا يطعنون في نسب غيرهم!
صار فم معاوية تحت عينه وسقطت أسنانه.. فأخذ يبكي!
قال ابن كثير في النهاية: 8 / 149: (وروى ابن عساكر عن الفضيل بن عياض أنه كان يقول: معاوية من الصحابة، من العلماء الكبار، ولكن ابتلى بحب الدنيا....