3 - قال رسول الله.. وأنا أقول!
روى الصحابة هذه القصة عن معاوية، وأنه رد على رسول الله صلى الله عليه وآله فغضب لذلك الصحابيان عبادة بن الصامت وأبو الدرداء، وحلفا أن لا يساكنا معاوية في الشام أبدا! وقد تقدم في لبسه الذهب والحرير ما رواه الحاكم: 3 / 355: (أن عبادة بن الصامت أنكر على معاوية أشياء، ثم قال له: لا أساكنك بأرض).
وتقدم من موطأ مالك: 2 / 634، والمجموع: 10 / 30: (فقال له معاوية: ما أرى بهذا بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية! أخبره عن رسول الله (ص) ويخبرني عن رأيه! لا أساكنك بأرض أنت بها). انتهى.
وفي الإستيعاب: 2 / 808، وأسد الغابة: 3 / 106: (فأغلظ له معاوية في القول)! وهذا يدل على أن معاوية لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وآله ولا يتعبد بكلامه كما يؤمن المسلمون! فالمسلم العادي يعتقد أنه صلى الله عليه وآله كما قال الله تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. (النجم: 3 - 4) ومعاوية يقول: هذا رأي محمد، أما أنا فلا أرى به بأسا! فإما أن يكون كافرا بنبوة النبي صلى الله عليه وآله أو معتقدا بها ويرى أن له الحق في مخالفة النبي صلى الله عليه وآله لأن محمدا رسول الله ومعاوية خليفة الله! وكلاهما كفر بواح!
وجاء المعذرون الأعجام، وهم أكثر علماء المذاهب الأربعة، فاعترفوا بصحة القصة، حيث لا يمكنهم رد طرقها وأسانيدها، فخففوا قول معاوية فيها وجعلوا قوله (رد رواية) وليس قولا في مقابل قول النبي صلى الله عليه وآله! فكان أول تدليسهم أنهم وضعوا قصة معاوية تحت عنوان: رد السنة بالرأي! وتعمدوا إبهام معنى الرد فهل هو رد رواية السنة لعدم الثقة براويها فهو أمر عادي، أم هو رد نفس السنة وتبني رأي في مقابلها، وهذا الكفر بعينه؟!