فلا بد أنه سمع منه هذا الحديث وغيره في بني أمية. فالمرجح أنه تعمد الإجابة بأن أبا ذر رحمه الله صادق بحديث النبي صلى الله عليه وآله ليلزمهم بكل ما يرويه أبو ذر!
وفي أمالي المفيد / 161: (لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه عليهم السلام، ويحضهم على التمسك بعترته. فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام.
فكتب إليه عثمان: أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام. فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه وأقرأه كتاب عثمان وقال له: النجا الساعة! فخرج أبو ذر إلى راحلته، فشدها بكورها وأنساعها، فاجتمع إليه الناس فقالوا له: يا أبا ذر رحمك الله أين تريد؟ قال: أخرجوني إليكم غضبا علي، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي، ولا يزال هذا الأمر فيما أرى شأنهم فيما بيني وبينهم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، ومضى.
وسمع الناس بمخرجه فاتبعوه حتى خرج من دمشق، فساروا معه حتى انتهى إلى دير مران (خارج دمشق) فنزل ونزل معه الناس فاستقدم فصلى بهم، ثم قال: أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم، وتارك الخطب والتشقيق، احمدوا الله عز وجل، قالوا الحمد لله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فأجابوه بمثل ما قال، فقال: أشهد أن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأقر بما جاء من عند الله، فاشهدوا علي بذلك، قالوا: نحن على ذلك من الشاهدين.