ثورة الصحابة على عثمان في المجلد الأول!
على أن الموضوع المالي لم يكن أصل الخلاف، بل أصله بنو أمية وما كان يرويه أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وآله في ذمهم، وتحذير الأمة منهم، ودعوتها إلى مقاومتهم والثورة عليهم! وقد نصت الروايات على ذلك، ورأيت في أول الفصل ما رواه أبو ذر رحمه الله وواجه به يزيد بن أبي سفيان عندما سرق الجارية!
الرابعة إن اعتراف الطبري بقوله: (وأما الآخرون فإنهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة وأمورا شنيعة، كرهت ذكرها) يدل على أمور، أهمها أن إرهاب أتباع بني أمية كان موجودا حتى في زمن العباسيين! ومعناه أنا لا يصح أن نعتبر التاريخ المكتوب محايدا مهما كان كاتبه معتدلا كالطبري، لأنه صرح بأنه توجد مواد مهمة للرأي الآخر لا يمكنه أن يكتبها! فهذه شهادة مؤرخ معتدل في قضية أبي ذر الواضحة الظلامة! وزمن المؤرخ بعد قرنين من موت عثمان ومعاوية وزوال الحكم الأموي.. فما حال بقية القضايا؟! فلا تعجب إذا قلنا إن تاريخنا مكتوب بحبر الحكام وهيمنة أتباعهم، والرأي الآخر فيه مغيب مطموس، أو يكاد!
أبو ذر يواجه معاوية بقول النبي صلى الله عليه وآله له إنه من فراعنة هذه الأمة!
في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 1 / 88: (وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لفلان: أشهد أن النبي (ص) قال: إني أو إياك فرعون هذه الأمة! يريد أنك فرعون هذه الأمة، ولكنه ألقاه إليه تعريضا لا تصريحا، كقوله تعالى: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين. وهذا كما تقول: أحدنا كاذب، وأنت تعلم أنك صادق ولكنك تعرض به). انتهى.