ويتضح الكلام فيها بعد معرفة دليل اعتبارها وحجيتها.
ولا بد قبل التعرض إلى ذكر الدليل من بيان امرين:
الامر الأول: ان لحمل الصحة مقامات ثلاثة:
المقام الأول: حسن الظن والاعتقاد بان يكون الشخص حسن الظن بعمل غيره ويعتقد صحته بلا لحاظ الأثر الخارجي المترتب عليه أصلا.
وهو - أعني: الظن والاعتقاد - وان كان امرا غير اختياري، الا ان مقدماته من تصفية النفس وتمرينها اختيارية، فالتكليف به بلحاظ أسبابه. إن لم نقل بان الاعتقاد امر اختياري، لأنه عبارة عن عقد القلب، فيصح تعلق التكليف به.
المقام الثاني: مقام المعاشرة، بمعنى ترتيب آثار الصحيح على عمل الغير وقوله في مقام المعاشرة. فيعاشره معاشرة القائل للصحيح واقعا.
وهذان المقامان يرتبطان بعالم الاخلاق وتحسين الحالة الاجتماعية وحفظ التحابب بين الافراد.
المقام الثالث: مقام ترتيب الأثر الخارجي العملي، بمعنى ترتيب الآثار الخارجية العملية للعمل الصحيح على عمل الغير.
الامر الثاني: ان هناك حسنا وقبيحا، وصحيحا وفاسدا. وهما يختلفان، بمعنى ان الفساد لا يساوق القبح، والصحة لا تساوق الحسن - لا يخفى ان المراد من الحسن عدم القبح - فقد يكون العمل فاسدا ولكنه ليس بقبيح، لمعذورية العامل في عمله الفاسد. كما أنه قد ينعكس الفرض فيكون العلم قبيحا وليس فاسدا، كما في المعاملات التي ينطبق عليها عنوان محرم.
ولا يخفى ان المقام الأول يرتبط بعالم الحسن والقبح لا الصحة والفساد، كما لا يخفى عليك ان ما نحن بصدده هو المقام الثالث من مقامات الحمل على الصحة المرتبط بالصحة والفساد لا بالحسن والقبح.
إذا عرفت هذين الامرين، فاعلم: انه قد استدل لاعتبار أصالة الصحة في