الثانية: انه لو سلم دلالتها على وجوب ترتيب الآثار - ولا دلالة لصدرها على خصوص وجوب الظن الحسن -، فهي انما تدل على وجوب ترتيب آثار العمل الحسن لا الصحيح. فهي على كلتا الجهتين لا ترتبط بما نحن بصدده.
ومنها: قول الصادق (عليه السلام) لمحمد بن الفضل: " يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك، فان شهد عندك خمسون قسامة أنه قال وقال لم أقل فصدقه وكذبهم " (1).
ولكنها انما تدل على وجوب حمل الأخ المؤمن على الصحة في مقام المعاشرة وترتيب آثار الصدق على دعواه، فان موردها ذلك وموضوعها موردها.
ولا يخفى انها لا ترتبط بمقام القلب وحسن الظن، إذ يبعد ان يأمر بالظن بصحة قول فرد مؤمن وتكذيب خمسين قسامة. فلا بد من حملها على التكذيب العملي والامر بعدم ترتيب ما يترتب على الكذب وشبهه.
ومنها: ما ورد ان المؤمن لا يتهم اخاه المؤمن، وانه إذا اتهم اخاه انماث الايمان في قلبه كانمياث الملح في الماء (2). وتقريب الاستدلال بها: ان حمل المعاملة الصادرة من المؤمن على الفاسدة اتهام له بعدم المبالاة والمعرفة بشئون المعاملات الدينية، فهو منهي عنه، فلا بد من الحمل على الصحيح، وترتيب اثار الصحيح عليها.
ولكنه محل تأمل ومنع، فان الرواية تحتمل وجوها أربعة:
الأول: انها واردة في مقام عقد القلب على كون الواقع من المؤمن صحيحا، فلا ترتبط بمقام الخارج أصلا.
الثاني: انها واردة في مقام ترتيب اثار الصحيح في مقام المعاشرة.