واما الثاني، فقد استشكل فيه المحقق الأصفهاني (رحمه الله) من جهات:
الأولى: انه لم يثبت شهرة المقبولة رواية، إذ يمكن أن يكون التعبير عنها بالمقبولة من جهة كون راويها صفوان بن يحيى، وهو من أصحاب الاجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما صح عنهم - كما أشرنا إليه - لا من جهة شهرتها رواية.
الثانية: ان الحكم بترجيح المقبولة استنادا إلى المرفوعة يتوقف على كون جعل الحكم في المرفوعة بنحو القضية الطبيعية أو بنحو القضية الحقيقية، وتنقيح الملاك بحيث يكون الحكم الذي تتكفله شاملا لها.
الثالثة: ان الالتزام بترجيح المقبولة بواسطة المرفوعة وطرح المرفوعة يستلزم المحال، لان الالتزام بالمرفوعة في ترجيح المقبولة يستلزم طرح المرفوعة كما لا يخفى، فيلزم من الاخذ بالمرفوعة طرحها، وهو محال لان ما يلزم من وجوده عدمه محال (1).
الا ان ما ذكره أخيرا لا نعرف له وجها، وذلك لان المرفوعة باطلاقها تقتضي الاخذ بالمشهور سواء كان المعارض له الشاذ أصح منه سندا أو لم يكن كذلك، فهي تشمل المقبولة وتشمل الخبر المعارض بالأصح سندا، فشمولها للمقبولة يستلزم طرحها بالنسبة إلى الخبر المعارض بالأصح، فالأخذ بها في بعض مدلولها يستلزم طرحها في البعض الاخر لمدلولها، فلا يكون ذلك مما يلزم من وجوده عدمه، لاختلاف مورد الاخذ والطرح، فتدبر.
نعم، الوجه الذي يؤخذ على الشيخ، هو عدم التزامه بترجيح المقبولة بمقتضى مدلولها أيضا، لأنها أيضا تقتضي ترجيح المشهور على الشاذ، والمفروض أيضا ان جعل الحكم فيها بنحو القضية الطبيعية أو بنحو القضية الحقيقية، ولكن سريان الحكم إليها بتنقيح الملاك، إذ هو الملاك في ترجيح المقبولة بمدلول المرفوعة