ولا وجه لما ذكره السيد الخوئي - كما في مصباح الأصول - من: انه بعد أن كان العلم الاجمالي متعلقا بكذب أحد الأدلة الثلاثة، فلا وجه لطرح كلا الخاصين عند تقديم العام، إذ بعد تقديمه لا يعلم الا بكذب أحدهما فيحصل التعارض عرضا بينهما، وتجرى فيهما احكام المعارضة من ترجيح أو تغيير.
وذلك لان مجرد العلم الاجمالي بكذب أحدهما لا يجدي في تحقيق المعارضة (1) بين الدليلين، بل لا بد من انضمام امر آخر إليه، وهو اشتمال كل من الدليلين على مقتضى الحجية و قابليتهما لها، بحيث تكون حجيتهما فعلية لولا المعارضة العرضية الحاصلة بالعلم الاجمالي بكذب أحدهما، فالعلم الاجمالي بنفسه كاحتمال المصادفة للواقع، فكما أن احتمال مصادفة الخبر للواقع لا يكون بنفسه مناطا لشمول دليل الحجية للخبر ما لم يكن في الخبر اقتضاء للحجية، كذلك العلم الاجمالي بكذب أحد الدليلين لا يكون بنفسه مناطا للمعارضة بين الدليلين ما لم يكن في الدليلين اقتضاء الحجية.
وهذا غير موجود فيما نحن فيه، إذ بعد ترجيح العام وتقدمه يلزم طرح الخاصين كلاهما، لأنهما طرفا المعارضة - كما عرفت - ومعنى الطرح جعل المانع عن حجية كل منهما بتقديم الطرف الاخر، فالعلم الاجمالي بكذب أحدهما لا يوجب تشكيل معارضة أخرى عرضية بينهما، لكون حجية كل منهما مقرونة بالمانع من غير جهة المعارضة.
نعم، لو كان طرف المعارضة وصف الاجتماع، كان ما ذكر في محله، لان المطروح هو وصف الاجتماع من دون تعرض لنفس الدليلين، وهما في أنفسهما حاويان لمقتضى الحجية. لكنك عرفت بطلان هذا الالتزام، فلاحظ واما لو تساوى العام والخاصان، فيختلف الحال على القولين: القول بامكان التبعيض في حجية العام. والقول بعدمه.