صورة عدم الاحراز.
وما نحن فيه ليس كذلك، لان دليل قاعدة الفراغ ليس دليلا لبيا بل هو دليل لفظي، يمكن التمسك بعمومه مع الشك ولم يقم دليل آخر على اعتبار احراز العنوان.
فلا وجه لتخصيص القاعدة بصورة احرازه، بل الوجه تعميمها لصورة عدم الاحراز تمسكا بالعموم.
وعليه، فيصح جريانها فيما نحن فيه للشك في أن هذا العمل المأتي به مطابق للمأمور به أو غير مطابق، فتجرى فيه قاعدة الفراغ وتثبت صحته ولو لم يحرز العنوان، فتدبر.
وبالجملة: لا دليل صناعيا على ما افاده، فلا وجه لرفع اليد عن العموم لان الشك في الصحة يجامع الشك في العنوان فيشمله الدليل. الا ان يدعى انصراف لفظ الشئ في قوله: " كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو " (1)، إلى كونه مشيرا إلى الأفعال بعناوينها المأخوذة في ترتب الأثر لا إلى ذات العمل، وهي غير سهلة الاثبات.
الثالث: ما ذكره من عدم جريان قاعدة الفراغ مع الشك في تحقق قصد القربة، بتقريب: انه لا شك في صحة المأتي به بمعنى مطابقته للاجزاء والشرائط المأمور بها شرعا، للعلم بالمطابقة مع اليقين بعدم تحقق قصد القربة فضلا عن صورة الشك فيه.
ووجه النظر فيه: انه بعد عدم معقولية اخذ قصد القربة في متعلق الامر بالعمل أو في متعلق امر اخر، وحكم العقل بوجوب الاتيان بالعمل مقارنا لقصد القربة، لتوقف تحقق الغرض عليه وتحصيله واجب في مقام الامتثال، لا يمتنع على الشارع الاكتفاء في مقام الامتثال بالاتيان بما يحتمل معه تحقق الغرض، إذ لا مانع من ذلك عقلا، إذ أي محذور في أن يقول الآمر بأني اكتفي في مقام الامتثال باحتمال تحقق الغرض دون الجزم به.