منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٧ - الصفحة ١١٣
وقد عقد الشيخ (رحمه الله) لذلك فصلا مستقلا (1). ولكنه ذكره فقط بلا ان يبين الوجه فيه والدليل عليه، ولعله (2) لوضوحه، لأن العلم إذا لم يكن بنفسه
(1) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول / 419 - الطبعة القديمة.
(2) تحقيق الكلام في هذه الجهة باجمال: انه لا إشكال في أنه يعتبر في جريان أصالة الصحة من كون الفاعل في مقام الاتيان بالعمل الذي هو موضوع الأثر، فما لم يكن الشخص في مقام التطهير لا يحمل عمله على الصحة، وكذا إذا لم يكن في مقام البيع والنكاح وغيرهما من المعاملات، لا يحمل ما يصدر منه على الصحة. انما الاشكال في أنه إذا أحرز انه في مقام الاتيان بالعمل ذي الأثر الخاص، ولكن شك في تحقق ما هو مقوم عقلا لتحقق موضوع الأثر كالقصد في العقود الانشائية وكإزالة النجاسة في غسل الثوب أو العصر بناء على تقدم الغسل به، فهل تجرى أصالة الصحة أولا؟ قد يقال: ان أصالة الصحة تتكفل ترتب الأثر على العمل، ولا تتكفل تحقق نفس العمل، فمع الشك في نفس العمل لا مجال لأصالة الصحة.
ويمكن الاشكال في ذلك: بان الأثر يترتب على اجراء الماء - مثلا - ولكن بواسطة تعنونه بعنوان الغسل أو ترتب الغسل عليه بنحو المسببية التوليدية، وكذا يترتب على الايجاب والقبول بواسطة القصد.
وعليه، فينبغي ان يبحث في أن أصالة الصحة هل تتكفل ترتب الأثر المترتب على الفعل بلا واسطة، أو الأعم منه ومن المترتب بواسطة؟ ولا بد في ذلك من ملاحظة ما عليه السيرة وبناء العقلاء، لا سلوك طريقة الاستدلال العقلي - كما أشير إليه - ثم إن بعض من ذهب إلى اجراء أصالة الصحة مع عدم إحراز القصد المقوم، كمثال التطهير، التزم في اجراء الصحة في عمل الغائب مع عدم احراز قصد النيابة في عمله.
فقد يورد عليه: ان ذلك ينافي مبناه من جريان أصالة الصحة مع عدم احراز القصد المقوم.
ويمكن ان يدفع الايراد: بان أصالة الصحة إنما تلغي احتمال الفساد في العمل الصادر، وهذا يختص بما إذا كان الشك راجعا إلى جهة دخيلة في الصحة. وليس قصد النيابة دخيلا في صحة العمل، إذ العمل صحيح حتى إذا لم يقصد النيابة، نعم، لا يقع عن المنوب عنه، وهذا أجنبي عن الصحة.
وبعبارة أخرى: ان العمل إذا فرض انه صحيح قصد فيه النيابة أم لم يقصد، لم تكن أصالة الصحة متكفلة لاثبات النيابة مع الشك، نظير ما إذا دار امر الصلاة بين كونها نافلة الصبح أو فريضة، فأصالة الصحة لا تثبت قصد الفريضة بها.
ثم إنه يقع الكلام في جهة أخرى، وهي انه إذا أحرز قصد النيابة، ولكن احتمل فساد العمل من جهات أخرى، فهل ينفع اجراء أصالة الصحة في العمل لاثبات براءة ذمة المنوب عنه أم لا؟
وهذا ما يأتي تحقيقه، فلاحظ.