بالوقوف عند الشبهة تورعا عن الاقتحام في الهلكة وتجنبا عن الوقوع فيها، الذي هو ظاهر في ثبوت احتمال الهلكة والعقاب في كل شبهة. وإذا بطل هذا الدليل فلا محيص عن القول بالبراءة.
وعليه، فنقول: أن الآية إذا دلت على نفي فعلية العقاب كانت منافية لمفاد روايات الوقوف عند الشبهة، إذ لا يجتمع احتمال الهلكة مع عدم فعلية العقاب. ومقتضى ذلك اما تخصيص الروايات إن كانت الآية أخص مطلقا منها.
أو طرحها إن كانت النسبة هي العموم من وجه لأنها روايات مخالفة للكتاب.
فالآية الشريفة كما هي صالحة لالزام الخصم، كذلك هي صالحة لرد دعواه في نفسها، لعدم الدليل عليها مع تسليم دلالة الآية.
ولعل نظر الشيخ (رحمه الله) في دعوى الملازمة بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق إلى دعوى الملازمة في خصوص ما نحن فيه بلحاظ مقام الاثبات، وإنه ان قام الدليل على نفي الفعلية فقد دل على نفي الاستحقاق لعدم الدليل على الاستحقاق سوى ما هو ظاهر في فعلية العقاب المنفي بالآية الشريفة، فلا يكون الاستدلال بالآية حينئذ جدليا، كما لا يدعى الملازمة في مقام الثبوت كي يدفع بما جاء في الكفاية من نفي الملازمة. فتدبر (1).
هذا ولكن الآية إنما تصلح للاستدلال ورد الخصم بناء على أن يكون استدلال الخصم بروايات الوقوف عند الشبهة بالتقريب المتقدم.
أما بناء على أن يكون استدلالهم بدعوى ظهور النصوص في وجوب الاحتياط والتوقف، وأن قوله: " فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة " (2)، لبيان وجوب الوقوف بالطريقة المألوفة في مقام بيان الواجبات باثبات