وأما ما ذكره من المحذور على تقدير إرادة الحكم من التكليف، فيندفع:
بأنه إن لم يقم دليل قطعي على بطلان تقييد الأحكام الواقعية بالعالمين بها، فلا مانع من الالتزام بما هو ظاهر الآية الشريفة من تقييد الأحكام الواقعية بالعالمين بها. وإن قام دليل على ذلك نرفع اليد عن ظهور الآية في ذلك ونلتزم بنفي التكليف ظاهرا، نظير حديث الرفع. ولا يسوغ ذلك لرفع اليد عن ظهور لفظ التكليف وصرفه إلى معنى آخر.
وأما ايراده الأول على الاستدلال بالآية - بعد تقريب دلالتها على العموم -، وهو عدم جواز التمسك بالاطلاق لوجود القدر المتيقن في مقام التخاطب.
فهو ايراد مبنائي، وقد تقدم الحديث عن مانعية القدر المتيقن في مقام التخاطب عن التمسك بالاطلاق فراجع.
نعم ايراده الثاني وجيه، وهو ايضاح ما أشار إليه الشيخ من انه لو تمت دلالة الآيات كان مورودة لدليل الاحتياط لو تم، لتعليق الحكم فيها على عدم البيان.
وأما إيراده الثالث: فمدفوع: بان الايتاء في الآية الكريمة كما هو منسوب إلى الله سبحانه منسوب إلى العباد. ومن الواضح أن مجرد إبلاغ الرسل بالحكم لبعض الناس لا يوجب صدق إعلام الآخرين به.
نعم يصدق الاعلام بقول مطلق، لا إعلام هذا الجاهل، لكنه لا ينفع فيما نحن فيه بلحاظ مدلول الآية، فما دام الشخص لم يعلم بالحكم يكون مشمولا للآية الشريفة وإن كان قد أبلغ الحكم لبعض الناس الآخرين. وشاهدنا على ذلك الذي لا يقبل الترديد، هو انه لو هيئت لشخص أسباب الرزق وكسب المال وتقاعس ولم يندفع في هذا السبيل، فهل يلزم بالانفاق مع فقره بلحاظ ان إيتاء المال المألوف من قبل الله سبحانه قد تحقق؟. إذن فمجرد الايتاء من قبل الله سبحانه لا ينفع في تحقق التكليف ما لم يعلم المكلف بالحكم نفسه، إذ بدون