العذاب على قيام الحجة لا بد أن يخصص بالعذاب الوارد على المعذب بعنوان الجزاء والعقاب، فإنه الذي يصح ان يناط بقيام الحجة، وإلا فغيره من أنواع العذاب لا تناط بقيام الحجة، بل تحصل لمصالح نوعية أو شخصية.
وإذا حملت الآية - تصحيحا لمدلولها - على إناطة المجازاة بالعذاب الدنيوي على قيام الحجة، دلت على إناطة استحقاق العذاب الأخروي بقيام الحجة بالأولوية - كما قيل -، لأنه إذا فرض ان استحقاق العقاب القليل نسبتا يتوقف على قيام الحجة، فاستحقاق العقاب الكبير لا بد ان يتوقف على قيام الحجة بطريق أولى.
والمتحصل: ان الآية ظاهرة عرفا في نفي الاستحقاق بدون قيام الحجة، وان عدم العذاب فيها لاجل عدم الاستحقاق.
ولو التزم بأنها ظاهرة في نفي فعلية العذاب فقط من دون ظهور في نفي الاستحقاق، فهل تصلح للاستدلال أو لا؟.
قد يقال: بان الخصم يدعي الملازمة بين نفي فعلية العقاب ونفي استحقاقه، فتكون الآية ردا على الخصم الذي يدعي استحقاق العقاب على ارتكاب الشبهة. وناقشه صاحب الكفاية: بان الاستدلال بالآية يكون جدليا لا برهانيا يطلب فيه اليقين بالمطلب.
هذا مع وضوح منع الملازمة، لان الملازمة لو ثبتت بين نفي فعلية العقاب ونفي استحقاقه لكانت هناك ملازمة بين الاستحقاق والفعلية - لأنه لو ثبت الاستحقاق -. ولم يتحقق العقاب، لكان ذلك خلف الملازمة بين عدم العقاب وعدم الاستحقاق -. الواضح انه لا يدعي أحد ثبوت الملازمة بين استحقاق العقاب وفعليته، إذ ليست الشبهة بأهم من نفس المحرم المعلوم، مع أن الوعيد بالعقاب عليه قد لا يلازم فعليته لتوبة أو شفاعة أو غير ذلك.
أقول: إن عمدة ما يستدل به الأخباريون على مدعاهم الروايات الامرة