من الآية تستلزم اختصاص الأحكام الواقعية بالعالمين بها لتكفل الآية نفي التكليف واقعا في حق الجاهل، وهو مما لا يمكن الالتزام به.
وإنما المراد بالتكليف هو المعنى اللغوي منه وهو المشقة والكلفة.
وعليه، فيكون تعلقه بالموصول بمعناه الجامع بنسبة المفعول به أو المفعول منه وهو المفعول النشوي، فيكون المعنى على الأول انه سبحانه لا يوقع عباده في كلفة حكم أو فعل إلا الحكم والفعل الذي آتاه المكلف. وعلى الثاني انه لا يوقع عباده في كلفة الا من قبل حكم أو فعل آتاه إياهم فنسبة الفعل إلى الموصول نسبة واحدة مع التحفظ على إرادة المعنى العام منه واستفادة الخصوصيات من دال آخر خارجي.
وعليه، تكون الآية باطلاقها دالة على البراءة.
ولكنه بعد أن قرب دلالتها على البراءة ناقشها بمناقشات ثلاثة:
الأولى: ان القدر المتيقن بقرينة السياق هو المال، وهو مانع من التمسك باطلاق الموصول.
الثانية: ان مفاد الآية مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فهي تنفي الكلفة من قبل التكليف مع عدم وصوله، فأدلة الاحتياط على تقدير تماميتها تكون واردة عليها، لأنها تفيد ايجاب الاحتياط فيكون واصلا، فيقع المكلف في الضيق من جهته.
وبعبارة أخرى: ان الاحتياط حجة على الواقع بمقتضى دليلة، فيرتفع به موضوع الآية الكريمة، فلا يضر الاخباري الاستدلال بالآية.
الثالثة: ان الايتاء بما أنه منسوب إليه جل اسمه، فهو عبارة عن اعلامه بالتكليف بالسبب العادي المتعارف، وهو اعلامه بطريق الوحي إلى أنبيائه وأمر هم بتبليغ الحكم، فما لم يعلمه يكون عبارة عما لم يبلغه لأنبياء أو عما امر انبائه عدم تبليغه، فيكون مفاد الآية الشريفة مفاد قوله (عليه السلام): " ان الله