على الاخذ بالاطمئنان، إذ قل وندر مورد يحصل لهم العلم الجزمي، الذي لا يقبل التشكيك، بل كل مورد يرتبون آثار الواقع فيه عملا، ناشئ عن حصول الاطمئنان دون القطع، لامكان إثارة التشكيك فيه، فلولا الاطمئنان لتوقف العقلاء، بل غيرهم في أغلب أمورهم العملية، إذ لا طريق لديهم إلى حصول القطع.
وإذا ثبت هذا المعنى لدى أهل السيرة، ثبتت حجيته بنظر الشارع أيضا إذ لو كان له طريق آخر غير الاطمئنان، جعله لتشخيص احكامه التكليفية والوضعية وموضوعات احكامه. في جميع موارد العمل والحكم والقضاء وغير ذلك لكان عليه نصبه وبيانه، وهو امر مقطوع العدم، وبدونه يختل نظام الشرع الشريف ويقف العمل.
ومنه يظهر ان حجية الاطمئنان لو كانت جعلية بان كانت ببناء العقلاء وأمضاها الشارع لم تصلح الآيات الناهية عن العمل بغير العلم للردع عنه، كما يدعى ذلك في خبر الواحد، إذ لم يسن الشارع طريقا غير الاطمئنان، ولا معنى للنهي عنه وعدم جعل غيره، بخلاف مثل خبر الواحد لوجود غير من الطرق وعدم الاختلال وتوقف الاعمال بدون حجيته، فحجية الاطمئنان كحجية الظهور لا تصلح الآيات الناهية للردع عنه، لعدم نصب غيره من الطرق لتشخيص مراد المتكلم، فيلزم من الردع التوقف عن جميع الخطابات الشرعية وهو مما لا يمكن الالتزام به، بل ما ندعيه من العمل بالاطمئنان لا اشكال ولا ريب انه كان في زمان الشارع بعد ورود الآيات الناهية ولم يظهر النهي عنه.
وإذا ثبتت حجية الاطمئنان بلا كلام، فيقع الكلام في أن حجيته بحكم العقل كالقطع، فلا يمكن الردع عنه، أو ببناء العقلاء كالامارات فيمكن الردع عنه. وإن لم يثبت كما عرفت، فالبحث علمي صرف. نعم لا مانع من الردع عن بعض افراده.