المنذرين لو لم يكن حجة لم يصدق عليه الانذار لعدم تحقق التخويف به، إذ لا يترتب الخوف عليه، فنفس ايجاب الانذار كاشف عن حجية ابلاغهم حتى يصدق التخويف والانذار، والا لم يصدق الانذار أصلا.
الثالث: انه من الواضح ان الانذار واجب على كل فرد متفقه بنحو العموم الاستغراقي والمفروض ان الانذار واجب مقدمي لتحقق الحذر الواجب.
ومقتضى اطلاقه انه يجب الانذار سواء أفاد العلم أم لم يفد.
وبضميمة ما تقرر في محله من تبعية الوجوب المقدمي لوجوب ذي المقدمة في الاطلاق والاشتراط، يستكشف ان وجوب ذي المقدمة ههنا - وهو الحذر - مطلق من جهة حصول العلم وعدمه، لاطلاق وجوب المقدمة غير المنفك عن اطلاق وجوب ذيها بقاعدة التبعية.
ولم يرتض (قدس سره) الوجه الأخير إذ الاشكال فيه واضح كما بينه (قدس سره)، فان ما ذكر من تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها الناشئ عن ترشح وجوب المقدمة عن وجوب ذيها انما يتأتى فيما كان فاعل المقدمة نفس فاعل ذي المقدمة، إذ الترشح يتصور في هذا النحو. اما مثل ما نحن فيه من فرض كون المقدمة فعل غير فاعل ذي المقدمة، فان الانذار من شخص والتحذر من شخص آخر، فلا معنى لان يكون وجوب أحد الفعلين مترشحا عن وجوب الاخر، ولا يتأتى فيه حديث التبعية المزبور، فهذا الوجه واضح البطلان (1).
والذي يظهر من كلامه بناؤه على الوجهين الأولين.
ولا يخفى انهما يبتنيان على فرض الحذر النفسي من العقاب لا من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة، كما احتمله صاحب الكفاية في الآية. والا لم يتم