الثالث: ان التحذر قد جعل غاية للانذار في الآية الكريمة، وهو واجب، وغاية الواجب واجبة، فيكون التحذر واجبا.
وهذه الوجوه الثلاثة ذكرها الشيخ وصاحب الكفاية. واستشكل فيها صاحب الكفاية متفقا مع الشيخ في بعض مناقشاته:
اما الأول: فاستشكل فيه بما يحتمل وجهين:
أحدهما: ان التحذر عبارة عن الخوف النفساني، وهو لا ينحصر متعلقه بالعقاب، بل يمكن أن يكون الخوف من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة، ومحبوبية الثاني لا تستلزم وجوبه كما يشهد لذلك موارد حسن الاحتياط وعدم وجوبه.
وبالجملة: لم يبين في الآية متعلق الحذر، واحتمال إرادة الثاني يكفي في ابطال الدليل.
والاخر: ان المراد بالتحذر التحذر العملي الخارجي، بمعنى ان يعمل عملا كعمل المتحذر عن العقاب، وهذا لا يلازم احتمال العقاب كي يدعى وجوبه، ومن الواضح ان إرادة التحذر العملي بالمعنى الذي عرفته ومحبوبيته لا تستلزم وجوبه كما في موارد حسن الاحتياط غير الواجب، فإنه عمل كعمل المتحذر عن العقاب مع أنه غير واجب.
اذن فلا دليل على وجوب التحذر ههنا، إذ لا دليل على أن التحذر من العقاب، أو لا دليل على أن المراد به الخوف النفساني وإذا لم يثبت وجوبه لم يكن دليلا على حجية الانذار.
واما الثاني: فاستشكل فيه بأنه لا تنحصر فائدة الانذار.
بوجوب التحذر تعبدا ولو لم يحصل العلم، بل يمكن ان تكون فائدته هو حصول التحذر عند حصول العلم بالمنذر به.
واما الثالث: فاستشكل فيه بأنه لا اطلاق يقتضي وجوب التعذر مطلقا