ومن الواضح ان الاعتماد على خبر العادل غير المتهم بالكذب في الاقدام على عمل لا يعد عملا بلا ترو وتبصر، بل عملا عقلائيا جاريا على موازين العقلاء في أمورهم وشؤونهم، فلا يعمه عموم التعليل.
هذا، ولكن ينبغي لتتميم ذلك من احراز عمل العقلاء بما هم عقلاء بخبر العادل وحجيته لديهم، فتكون الآية متكفلة لامضاء هذا الحكم، ولا تكون متكفلة لبيان حجيته بالتأسيس في قبال ما يدل على حجيته من غيرها.
والا فلو لم يثبت عمل العقلاء بخبر العادل، فكيف نحرز ان العمل به جاريا على طبق الموازين العقلائية كي لا يشمله عموم التعليل.
والوجه الاخر: ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من حكومة المفهوم على عموم العلة. ببيان: ان غاية ما يدل عليه التعليل هو لزوم التبين عن غير العلم، ولا يتعرض إلى بيان ما هو علم وما هو غير علم، إذ الحكم لا يتعرض إلى اثبات موضوعه بنحو من الانحاء، بل هو ثابت على تقدير موضوعه، والمفهوم بما أنه يتكفل حجية خبر العادل وبما أن الحجية ترجع إلى جعل الطريقية والوسطية في الاثبات فهو تكفل بيان ان خبر العادل علم فيخرجه عن موضوع التعليل فيتقدم عليه لحكومته عليه لكونه متصرفا في موضوعه. ولا يمكن ان يتقدم العموم على المفهوم الا بنحو دوري كما لا يخفى.
وبالجملة: لا تنافي بين مفاد المفهوم ومفاد التعليل، ويكون العمل على المفهوم لكونه حاكما على التعليل (1).
وهذا الجواب مردود: لان لم يدع تقديم عموم العلة على المفهوم من جهة تنافي الدليلين وأقوائية ظهور عموم العلة أو قرينيته - نظير قول القائل: " رأيت أسدا يرمي "، فان ظهور أسد في الحيوان المفترس ينافي ظهور الرمي في رمي