الثانية: لا يبرأ برد العارية إلى حرز المالك كما لو رد الدابة إلى اصطبله أو رد آلة الدار إليها، بل لابد من الإيصال إلى المالك أو وكيله. ولو استعار الدابة إلى مسافة فجاوزها ضمن، ويستمر الضمان إلى أن يردها إلى المالك أو من يجري مجراه.
الثالثة: يجوز للمستعير بيع غروسه وزروعه وأبنيته المستحدثة في الأرض المستعارة للمعير. وفي جواز ذلك لغيره قولان أقربهما الجواز.
الرابعة: إذا اختلف مالك دار والمتشبث بها مثلا فقال المالك: «آجرتكها» وقال الآخر: «أعرتنيها» وكان ذلك بعد استيفاء المنافع مدة لها اجرة عادة فذهب الشيخ في الخلاف إلى أن القول قول المتصرف بيمينه، محتجا بأنهما متفقان على أن استيفاء المنافع وقع في ملك المتصرف ويده شرعية على القولين والمالك يدعي عليه العوض، والأصل براءة ذمته عنه، فيتوجه اليمين إلى المنكر (1).
وذهب ابن إدريس والمحقق إلى تقديم قول المالك في عدم العارية وإن لم يقبل قوله في الإجارة، لأن المنافع أموال كالأعيان، والأصل أن لا يكون لغير المالك إلا بعوض، فالمتصرف يدعي بخلاف الأصل، فإذا حلف المالك على نفي الإعارة يثبت اجرة المثل (2). وفيه نظر، لمنع الأصل المذكور، إذ لا حجة عليه عقلا ولا نصا.
واعترض عليه أيضا بعض المتأخرين بأنه إنما يثبت بعد الحلف انتفاء العارية ولا تثبت اجرة المثل، لاعتراف المالك بانتفائها، ولا المسمى، لعدم ثبوته (3).
وذهب العلامة في القواعد إلى أنه يثبت للمالك بعد الحلف أقل الأمرين مما يدعيه من المسمى واجرة المثل، لأن المسمى إن كان أقل كان الزائد عنه منتفيا باعترافه، وإن كان أكثر كان الزائد منتفيا، لعدم ثبوته (4). وهذا القول أيضا مبني على الأصل المذكور.