وذهب جماعة من الأصحاب منهم العلامة في المختلف والشهيد في بعض تحقيقاته والشهيد الثاني إلى أنهما يتحالفان (1) لأن كلا منهما مدع ومدعى عليه استنادا إلى أن حلف المالك على نفي الإعارة لا يدل على ثبوت الإجارة، كما أنه لا يدل على نفيها، فيبقى النزاع في الزائد على اجرة المثل بحاله على تقدير زيادة المسمى، فيقع الحاجة إلى حلف آخر، فيحلف المالك على نفي ما يدعيه المتصرف وهو الإعارة، والمتصرف على نفي ما يدعيه المالك وهو الإجارة، وحينئذ يثبت أقل الأمرين، لانتفاء الزائد من المسمى بيمين المتصرف وانتفاء الزائد عن اجرة المثل باعتراف المالك، وهو أيضا مبني على الأصل الممنوع.
ويرد عليه أيضا أن المالك إنما يدعي حقا معينا ولا يدعي شيئا آخر سواه، فإذا حلف المتصرف على نفيه فقد أسقط حقه الذي كان له في الدنيا مطالبته باليمين، لأن اليمين مسقط للحق كما ثبت بالنصوص، وقد اعترف بأنه لا حق له سواه، فمن أين ثبت أقل الأمرين؟ وما ذكرته يقوى فيما إذا كان المسمى بحسب دعوى المالك عينا معينة.
وللشيخ قول آخر وهو الرجوع إلى القرعة، للاشتباه (2). وهو أيضا ضعيف، إذ لا اشتباه كما ستعلم.
والأقوى عندي القول الأول، لأن المدعي هاهنا هو المالك، لأن النزاع إنما هو في عوض المنفعة والمتصرف منكر له، فمع عدم البينة يحلف المتصرف على عدم الإجارة، فتسقط مطالبة العوض في الظاهر، خصوصا إذا كان عينا معينة ولا دعوى له سواه، ولا فائدة حينئذ في حلف المالك على عدم الإعارة، فلا تحالف، وما ذكروه من الأصل المذكور لا حجة عليه، فلا وجه لتقديم تحليف المالك على عدم الإعارة حتى يفضي إلى التحالف.
ولو كان الاختلاف قبل مدة ينتفع بالشيء فالقول قول المتصرف، لأن المالك