وعن الحلبي بإسناد لا يبعد أن يكون موثقا قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف؟ قال: لا بأس به. قلت: فأتقبلها بألف درهم واقبلها بألفين؟ قال: لا يجوز. قلت: كيف جاز الأول ولم يجز الثاني؟ قال:
لأن هذا مضمون وذلك غير مضمون (1).
ويمكن الجمع بين هذين الخبرين وبين ما دل على إطلاق الجواز إما بحمل المطلق على المقيد، أو حمل الخبرين على الكراهة، والترجيح لا يخلو عن إشكال، إلا أن الأصل يعضد الوجه الثاني فلترجيحه وجه.
وروى الصدوق عن سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إني أكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم اواجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن احدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما (2).
الثالثة: اختلف الأصحاب في إجارة الأرض بالحنطة والشعير مما يخرج منها، فقيل بالتحريم (3). وقيل بالكراهة (4) ومستند الأول رواية الفضيل بن يسار عن الباقر (عليه السلام) أنه سأله عن إجارة الأرض بالطعام، قال: إن كان من طعامها فلا خير فيه (5). وفي إسناد الرواية ضعف، لكن روى الشيخ عن صفوان في الصحيح عن أبي بردة - وهو مشترك بين جماعة لا جرح فيهم ولا تعديل - عن الصادق (عليه السلام) قريبا منه (6). وفي صحتها إلى صفوان إشعار بجودة الرواية، لكن في الدلالة على التحريم نظر، بل ظاهرها الكراهة، لأن نفي الخير يشعر به.
ولو أطلق أو شرط من غيرها فالمشهور جوازه على كراهة، للأصل. وقيل بالمنع بشرط أن يكون من جنس ما يزرع فيها، لصحيحة الحلبي عن الصادق (عليه السلام)