ولم أطلع في هذا الباب إلا على روايتين، إحداهما: صحيحة معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه؟ فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه (1).
وقد زعم بعض الأصحاب أن الرواية دالة على أن كيل الموزون أو وزنه هو القبض (2). وفيه نظر.
وثانيهما: رواية عقبة بن خالد عنه (عليه السلام) في رجل اشترى متاعا من آخر وأوجبه، غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه، فسرق المتاع، من مال من يكون؟
قال: من مال صاحب المتاع حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه (3).
وليس في الخبر أيضا دلالة على تفسير القبض، ويدل على أنه يعتبر في نقل الضمان الإخراج من بيت البائع، ولم أطلع على قائل به منهم، والخبران حجة على من اكتفى فيه بالتخلية مطلقا، والثاني على من اكتفى بها في نقل الضمان لا في زوال التحريم أو الكراهة المذكورتين قبل القبض كما نفى الشهيد (رحمه الله) البأس عنه (4).
والأقوى الرجوع في ذلك إلى العرف، حيث لم يثبت فيه حقيقة شرعية.
قال في المسالك: العرف يدل على أن إقباض غير المنقول يتحقق بالتخلية مع رفع يد البائع عنه وعدم مانع للمشتري من قبضه، وأما في المنقول فلا يتحقق إلا باستقلال يد المشتري به، سواء نقله أم لا، وكذا في طرف البائع بالنسبة إلى الثمن.
وهو حسن.
ثم قال: وهذا مطرد في المكيل والموزون وغيرهما، إلا أنهما خرجا عنه بالنص الصحيح، فيبقى الباقي (5).