الدليل، وتناوله للمخالف متحقق والمسؤول عنه الأئمة (عليهم السلام) إنما كان مخالفا للحق، فيبقى الباقي وإن وجد مطلقا فالقرائن دالة على إرادة المخالف منه التفاتا إلى الواقع أو الغالب (1). انتهى كلامه.
والظاهر أن الأئمة (عليهم السلام) لما علموا انتفاء تسلط السلطان العدل إلى زمان القائم (عليه السلام)، وعلموا أن للمسلمين حقوقا في الأراضي المفتوحة عنوة، وعلموا أنه لا يتيسر لهم الوصول إلى حقوقهم في تلك المدة المتطاولة إلا بالتوسل والتوصل إلى السلاطين والامراء حكموا (عليهم السلام) بجواز الأخذ منهم، إذ في تحريم ذلك حرج وغضاضة عليهم وتفويت لحقوقهم بالكلية.
فمما يدل على ذلك ما رواه الصدوق في الفقيه - بإسناد لا يبعد أن يعد صحيحا - عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يتقبل بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا أو يكون، أيشتريه وفي أي زمان يشتريه ويتقبل منه؟ فقال: إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد أدرك فاشتره وتقبل به (2).
وروى الشيخ عن أبان بن عثمان عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي في الموثق، والكليني بإسنادين، أحدهما من الموثقات، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يتقبل بجزية رؤوس الرجال وخراج النخل والآجام والطير وهو لا يدري لعله لا يكون من هذا شيء أبدا أو يكون؟ قال: إذا علم من ذلك شيئا واحدا أنه قد أدرك فاشتره وتقبل به (3).
وظاهر هذا الحديث أن غرض السائل متعلق بالسؤال من حيث إنه لا يدري أنه يكون من ذلك شيء أم لا، ولهذا لم يذكر خراج الأرض، فكان أصل الجواز من حيث كون ذلك خراجا أمرا مسلما عنده.