وفيه نظر، لأن احتمال كون أبي عبيدة غير الحذاء مع أن غيره غير مذكور في باب الكنى ولم يشتهر غيره بهذه الكنية بعيد جدا، والمخالفة للعقل والنقل التي يدعيها قد عرفت جوابه، وكذا عدم الصراحة واحتمال التقية، واستفادة جواز الشراء من المقاسمة من الحديث ليس بحسب القياس إلى الزكاة، بل بناء على أن الظاهر من القاسم في قوله «يجيئنا القاسم» خصوصا بعد ما عبر أولا آخذ الزكاة بالمصدق إنما هو قاسم آخذ الخراج.
ونقول في جواب كلامه الأخير: إنا لو سلمنا أن أخذ السلطان وجمعه حق الخراج من الأرضين حرام مطلقا حتى لو كان مقصوده جمع حقوق المسلمين وصرفه في مصارفه الشرعية بقدر طاقته كان حراما أيضا، لكن لا نسلم أن إعطاءه لأحد في صورة الهبة أو غير ذلك يكون حراما إذا كان الآخذ مستحقا لمثله لفقر أو كونه من مصالح المسلمين كالغازي والقاضي والذي له مدخل في امور الدين وإن كان الأخذ حراما أولا، إذ لا أجد بحسب نظري دليلا على ذلك ولا الأصل يقتضيه.
ثم يظهر من الحديث أن تصرف العامل بالبيع جائز، إذ لو كان حراما كان الظاهر أن يكون الاشتراء منه حراما أيضا، لكونه إعانة على الفعل المحرم، وحيث ثبت أن التصرف بنحو البيع والشراء جائز ظهر أن أصل التصرف فيه ليس بحرام.
وإذا قيل: إن بعض أنحاء التصرفات كالإعطاء من غير عوض لمستحق له حرام كان محتاجا إلى دليل، لأن الأصل خلافه. وإذا كان ذلك حراما فإما أن يكون الواجب ضبطه وحفظه في الخزائن وهو بعيد جدا، وإما أن يكون الواجب الرد إلى من أخذ منه، وذلك يقتضي تحريم بيعه والاشتراء، لأن الواجب رد العين مع التمكن لا القيمة، مع أن الظاهر عدم القائل بالفرق بين الاشتراء وغيره.
ومما يؤيد الحل ما رواه الشيخ في الصحيح إلى فضالة بن أيوب - وقيل: إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه - عن سيف بن عميرة، وهو ثقة، عن أبي بكر الحضرمي - ولم يوثقه غير ابن داود، نقل ذلك عن الكشي، والاعتماد