وعدم معرفة فساده وصحته إلا من أخباره وما في معناه، وبعض الأخبار الدالة على أنه يحمل فعل المسلم على الصحة، وهذا المعنى مع ما فيه من عدم دلالة جزئه الأول على الحمل على الصحة ولزوم اعتقادها لا يتمشى فيما نحن فيه.
وأيضا هذا كله إنما يتم إذا لم يعلم من آثاره مستمسكه في فعله، وأما إذا علم منها أن مستمسكه مجرد التشهي وأشباهه فلا.
ثم قال: وأما فيما ذكر من أنهم قد عدوا مكة وما ساقه من البلاد من المفتوحة عنوة، فلأن ما وجدناه في بعض كتب التواريخ - وكأنه من الكتب المعتبرة في هذا الفن - أن حيرة وكأنها من قرى العراق بقرب الكوفة فتحت صلحا، وأن نيشابور من بلاد خراسان فتح صلحا، وقيل: عنوة، وبلخ منها، وهرات وفوسخ والتوابع فتح صلحا وبعض آخر منها فتح صلحا وبعض عنوة وبالجملة حكي حال بلاد خراسان مختلفا في كيفية الفتح.
وأما بلاد الشام ونواحيه فحكي أن حلب وحماه وحمص وطرابلس فتح صلحا، وأن دمشق فتح بالدخول من بعض غفلة بعد أن كانوا طلبوا الصلح من غيره، وأن أهالي طبرستان صالحوا أهل الإسلام، وأن آذربايجان فتح صلحا، وأن أهل أصفهان عقدوا أمانا، وأما الري فتح عنوة.
وقد حكى العلامة في المنتهى عن الشافعي أن مكة فتح صلحا بأمان قدمه لهم قبل دخوله. وهو منقول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومجاهد، ونسب إلى الظاهر من المذهب أنها فتحت بالسيف ثم آمنهم بعد ذلك، ونقله عن مالك وأبي حنيفة والأوزاعي (1).
وحكى فيما عندنا من التذكرة عن بعض الشافعية: أن سواد العراق فتح صلحا، قال: وهو منقول عن أبي حنيفة. وعن بعض الشافعية: أنه اشتبه الأمر علي